تأمل هايدن أمتعته أو بمعنى أصح أمتعة دوريان التي أتى بها لهنا واستقر معها، تجول طرفه إلى الكتب، إلى العدة وإلى الثياب، التي لم تكن أيا منها ملكا له ومن بينهم جميعا هو اختار الحقيبة الجلدية ودس فيها ما احضره من نقود وما قام بجمعه، ثم عزم على الرحيل وعبر نافذة غرفته هو شاهد الاعتصام القائم من قبل القرويين أمام أرض آل هوفمن، بسبب قرار تزويج ابنهم والاحتفال به في هكذا وقت عصيب.
لم يجد هايدن في لبه شعورا سوى الشفقة وعن الإنقاذ؛ فمن هو بمنقذ؟ فهو ليس بطلا في هذه الرواية إنما شريرا من أشرارها ولم يقدم في يوم مصالحهم على مصالحه الشخصية..
لكن ما جعله مختلفا عن بقية الفاسدين هنا، هو اللبس بين هويته وبين هوية دوريان، حفيد آل باومن الشرعي.
لنذهب؟" سأل الفأر والسيد حمامة ماكث إلى جواره متخبط المشاهر، فبين الحزن والخوف هو عالق..
"انتظرا، أمهلاني وقتا"
استأذنهما هايدن أن ينتظرا قليلا ليوسع جيب حقيبته، فتدخل هريرات غريتا الثلاثة، فكيف عساه يولي ظهره لذرية الهرة التي ساعدته، ورغم شفقته عليهم إلا أنه حتى النهاية تجنب ملامستهم وذلك لروحه التي تشمئز من الحيوانات كافة..
فر الثلاثة من المنزل وعن تخلف هايدن الذهاب لزفاف بيرل، فقد تحجج لمدام ميلينا بأن عليه الاستحمام، فتركته على غير عادتها يفعل ما يشاء وهو ظن أن القدر لربما ابتسم له أخيرا، فشد العزم وودع الدار بلا رجعة، قاصدا المكان الذي اتفق مع مايكل أن يجتمعا فيه.
وفي طريقه التقى بالفرس أنوك ومن فر من الحيوانات الناطقة، فمضوا برفقته تاركين هذه الأرض التي كانت مسقط رأسهم وسجنا مريرا لهم..
مضى هايدن ورغم عجلته في المشي، إلا أن فؤاده أبى الإستعجال بل أراد أن يلتفت للوراء حيث سيترك من أحب، وهايدن قد عنف فؤاده حينها، فكفاه ذلا ومهانة وعزم على الجري بلا تريث وهناك لم يلقى مايكل فحسب إذ أن جميع من رغب بالفرار حضر وبحوزته ما استطاع جلبه من بيته.
كجورجينا وأشقائها الصغار، لورا شقيقة بِن، روميو وزوجه وابناء الزوجين بوسارد الثلاثة، إذ أنهم تيتموا ولم يبقى لهم أحد وقد وجد هايدن بينهم نيليو غلور، بكر آل غلور.
وغيرهم المزيد، فهؤلا من ابتغوا حياة بعيدة عن ظلم هذه القرية ومن بقي هناك معتصما أمام أرض هوفمن، فهم الذين أرادوا الصراخ بوجه الظلم ومطالبة الحكيم بالحفاظ عليهم وإلا سينقلبون عليه، فما خوفهم منه بعد خسارتهم عائلاتهم واحبتهم.
"ألا حياء لكم من إقامة زفاف وقد دفنا هذا الصباح أولادنا!"
"بئسا لكم يا هوفمن وبئسا لكم يا غلور!"
"إننا في مصيبة فما هذا الاحتفال!"
"أيها الحكيم أين انت؟! اترضى بما يفعلون؟!"
"لقد خسرتُ زوجتي وأولادي رغم تنفيذي شريعتك بالحرف! تعال هنا ورد لي احبتي!"
"بئس المشرع انت! لقد خدعتنا!"
"أولادي! أعد إلي أولادي!"
"ما أنا فاعلة بعد أن احرقت لي زوجي!"
احتجوا معترضين وتدافعوا لكن فتية آل هوفمن وآل غلور، وقفوا بوجههم يمنعونهم عن الاقتراب ومساس الحكيم، الذي يقيم مراسم الزفاف بصلوات وترانيم والزوجان بيرل ومائيل؛ ماكثان أمامه جاثيان والكبار من حولهم يحيطونهم.
جر السيد بينيت من مزرعته دجاجة تصرخ وتصيح، تستحلف بلسان آدمي أن يتركها وشأنها لكنه قام بنحرها أمام الملأ وما تدفق من دمها قدمه في وعاء ذهبي للحكيم.
"بيرل غلور، مائيل هوفمن. أتقسمان لي بالطاعة والولاء؟"
"لك ولائي وطاعتي، لك حياتي وروحي يا سيدي"
نطق مائيل دون تردد وبيرل كادت أن تقسم له، لولا رؤيتها طيف سيدة قد ظهرت واقفة عند السياج، يفوح منها نفس الريح الطيب، الذي فاح من أخيها ماركو يوم رأته في الغابة مع هايدن وعقد لسانها فالواقفة هناك هي السيدة بوسارد، المرأة الكفيفة التي احرقت جثتها قبل بضع أيام.
شهدت بيرل مرور النسيم وأخذه هذه المرأة التي لم تبتسم لها إطلاقا بل هزت رأسها بغير رضى عنها.
"بيرل، أنطقي ولا تماطلي" وكزها مائيل، فانتقلت بيرل بطرفها للحكيم وهو واقف ينتظر فاسمعته ما يريد، قدم لهما الحكيم الوعاء وامرهما بشربه، فشرب منه مائيل ولما أتى دور بيرل وكادت أن تشرب منه.
ضرب قروي شابا من شباب آل غلور بحجر فأدمى رأسه، ثم ركض قاصدا الحكيم لفلق رأسه لنصفين عله يخلص القرية منه، فلحق به صوت طلق ناري جعل القريب والبعيد يرتجف فزعا.
"ما هذا الصوت؟" سأل بِن.
"إنه طلق ناري" اجابته جورجينا ومايكل دنى منها مقتربا كي يحميها من أي خطر سيظهر في أي لحظة.
"لكن لما؟" سأل نيكو.
"كفى تضيعا للوقت! علينا الإسراع بالرحيل!" زجرهم هايدن وسبقهم الخطى مستعجلا خشية أن يقترب الخطر منهم.
"لكن لما نحن نغادر؟" سأل ولد من آل بوسارد.
"لأنه يتوجب علينا فعل ذلك! إن استمررتم على هذا الحال فلن نصل لما خلف ال..." توقف هايدن لما شعر بنسيم بارد يضرب جلد وجهه، فرفع طرفه للأعلى ووجد الشمس تغيب بين السحب والليل يأتي مستعجلا.
"ما به بدني مرتعب؟" أنزل بصره للهريرات في حقيبته ثم فزع من ضباب قد نزل بهم وفرق فيما بينهم، فلم يعد قادرا على رؤيتهم أو رؤية يده "مايكل أين انت؟!" نادى هايدن ورفع يده ليلمس وجه المهرة آنوك فوجد يده حطت على شجرة "آنوك؟!"
"دوريان! أنا هنا!" نادى مايكل بدوره لما وصله نداء هايدن واحكم على يد غصن التفاح خاصته فلا تضيع عنه "ضباب وفي هذا الوقت من الليل؟" تعجب من تقلب الطقس.
"متى تشكل؟ لقد ظهر فجأة بلمح البصر" لم تفرط جورجينا بحياتها وتبتعد عن مايكل ثم نادت "لورا! أين انتِ وأين أولاد بوسارد؟!"
"جورجينا هنا! نحن هنا!" ندهت لورا بعلو صوتها وقربت الأولاد الثلاثة منها خوفا عليهم "إياكم والابتعاد عني"
"لورا، إني خائف" قال أصغرهم فزيفت لورا ابتسامتها كي تخف من روعهم وأردفت "لا تقتلوا، أغلقوا أذانكم فحسب وسيكون كل شيء على ما يرا..." لم تكد تكمل حديثها فرعبها اشتد لما سمعت طلقا ناريا كثيفا يأتي من القرية التي هجروا، لدرجة تخيلها بأن جميع من تركت في القرية قد لقوا حتفهم.
"سحقا! لقد بدأ الاحتفال خاصتهم" انصت هايدن للضرب المتتالي البعيد عنهم وعزم على حثهم كي يسرعوا، لكن الأرض اهتزت من تحته وتفطرت حتى خيل له سماع صوت أشبه بالعملات النقدية يأتي من عمقها.
لكن صوت المعدن المتلاطم لم يدم، إذ انكشف زئير الوحوش وهزوا سكون الليل، فارتعبت الهريرات وانتصب شعرهن بل والفأر والسيد حمامة ولجوا لحقيبة هايدن من شدة رعبهم يحتمون بها.
"ال.. و.. و حح..." تلعثم هايدن من الشلل الذي اصاب لسانه وشعر بماء بارد يسكب عليه، ثم حرارة شديدة تضرب ظهره. اهتزت اطرافه لما لفحته من الخلف ريح عاتية تفوح منها رائحة جيفة عفنه وهايدن عجز عن الالتفات، لا يرغب باكتشاف من يوجد خلفه.
أخرجت هريرة من الهريرات رأسها وشخص لون شعرها حتى كاد أن يشيب من هول المنظر، فمقلة الوحش الصفراء خلفهم تمام تبصر هايدن وتعكس هيئته كالمرآة .
ضرب الوهن ركبتي هايدن وكاد أن يغشى عليه، لكن خوفه من الموت كان أقوى مما دفع قدميه للعدو ومن في حقيبته تشبثوا جيدا خشية السقوط. راقبه الوحش في هروبه ثم اختفى وجهه المنزوع عنه اللحم والشحم بفعل الضباب وقد كان الوحش صاحب جمجمة الجدي...
"الوحوش! الوحوش هنا!" دوى صياح هايدن يحذرهم ومن امكنه سماعه فزع وهم هاربا ويا ليتهم فروا في نفس الاتجاه وإنما في اتجاهات عدة، فتفرقوا وضاعوا عن بعضهم البعض.
"بسرعة، بسرعة يا أولاد!" نادت لورا على الصبية أن يسرعوا اللحاق بها وهي أمامهم تجري، لكن رأسها ارتطم بفرع شجرة وارتدت للخلف واقعة. شاب شعرها وقفز قلبها لما سمعت طلقا ناريا يأتي من خلفها ثلاث مرات وكم كان قريبا وصاخبا.
"سحقا، سحقا! يا أولاد؟! يا أولاد أين انتم؟!" صاحت تنادي ثم بكت كالطفلة مستنجدة ونادت باسم أخيها بِن، تستحلفه أن يأتي ويأخذ بيدها بعيدا عما يخيفها كما يفعل دوما في صباهما، لكن بِن لم يتمكن أن يكون بطلا لقصتها، إذ كان بعيدا عنها لا يقوى على نجدتها.
فأجبرت لورا على النهوض مستعجلة وهمت بالركض نحو صوت جورجينا المنادية، لكنها قبل أن تلقي بأول قدم، أتاها صوت طلق ناري فهز بدنها واثقل رأسها، سالبا منها وعيها وحياتها؛ فسقطت لورا جاثية على ركبتيها ثم تردى بدنها وتلطخ بدنها الدامي بالتراب.
استقر رأس لورا ملقيا أمام قدم نيكو، الذي تقاطع طريقه عن طريق الخطأ مع لورا، فعُقد لسانه لما وجدها دامية وما تدفق منها شكل بحيرة أسفلها، فنادى عليها بصوت مهزوز "ل... لورا... لورا... كفي عن المزاح وهيا انهضي"
"لو.." وقبل أن ينطق باسمها، ثقبت رصاصة ذهبية الضباب فرفع نيكو طرفه للأعلى وآخر ما ابصرته عينه في هذه النقطة من حياته، هو طيف تلك الرصاصة والتي ثقبت عين نيكو وفرت من رأسه، ليتردى بدنه ويسقط كما سقطت لورا وابناء بوسارد الثلاثة من قبله.
أطبق روميو على شفتيه يخشى النطق بحرف وتخفى خلف شجرة فلمح بِن يأتي صوبه راكضا، لكن رأسه تفجر أمامه وتطايرت دمائه ملطخة جلد روميو وثيابه "ب..ب..ب." كرر روميو وركع على ركبتيه أمام جثة صاحبه يتأملها، يحاول تكذيب عينيه بأن الميت أمامه ليس صاحبا من اصحابه.
فزع روميو من خطوات أحدهم مقتربا، ورفع طرفه ليجد أنها زوجته العزيزة أمارا، واقفة وبحوزتها بندقية ذهبية اللون "روميو، عزيزي" نادت باسمه بلا خوف أو هلع وهذا ما دفع الرعب ليلازم روميو "أمارا؟ ما الذي تفعلينه؟ تعالي ولنهرب قبل أن تصيبك رصاصة"
لم تجبه أمرا وإنما أشهرت ببندقيتها صوب جبينه "كنتُ اتمنى أن يتملكني الوهن وأنا أقدم على فعلها يا روميو لكن قلبي كالحجر وهذا بسببك" زمت أمارا شفتيها بحزم وبأعصاب متينة، ضغطت على الزناد منهية حياة زوجها الذي لم تظفر به أبدا "لو احببتنِ بصدق لما فعلتُ فعلتي"
"كم واحدا تبقى منهم؟" ظهر من الضباب أحد القرويين من الذين إدعوا رغبتهم بالفرار معهم واغتنموا الفرصة لصيدهم، فردت أمارا بعد أن قامت بتجديد الذخيرة لديها "ما يكفي لصنع بضع جبال ذهب جديدة"
حركت أمارا رأسها للجانبين، تلين عنقها المتيبس واكملت المضي في طريقها، تبحث عن المزيد لصيدهم لكنها غفلت عن مايكل وجورجينا المتخفين خلف شجرة، وحالما أحسا بخلو الطريق جر مايكل عزيزته ليباشرا بالجري في اتجاه لم يمد للصوب الذي يركض فيه هايدن بصلة.
فهايدن كان يعدوا وطرفه يلاحق السيد غراب، الذي يطير عاليا فوق الضباب كي يرشد هايدن وبقية الحيوانات الناطقة، منهم الأحصنة، الماشية والكثير من الدجاج الذي ركض بأسرع ما يمكن، مجتازا هايدن.
"هناك، هناك! إن اللافتة هناك وقد اقتربنا!" نعق الغراب يبلغهم باقتراب الفرج، لكن ثورا أسود اللون، قد عرقل عليهم طريقهم وشتتهم بقرنيه، فركض كل منهم باتجاه، ولم يكن فقط الثور هو من عاداهم. فالأصحنة قد حاودها حصان السيد هوفمن والدجاجات لحق بهن ديك أسود.
ولهايدن ظهر له كلب أسود يعدوا بسرعة من بين الشجيرات، فقفز ليعضه من ذراعه ويسقطه أرضا. صاح هايدن مرتعبا ومتألما من هذا الكلب الذي إعتلاه يحاول نهش كل إنش فيه والهريرات هربت من حقيبته "ابتعد! ابتعد عني!"
"ساعدوني! ليساعدني أحد!" استنجد لما صار الكلب يهز رأسه للجانبين فلطمه بقوة كي يصيبه بالوجع. إنقلب هايدن على بطنه لما سنحت له الفرصة وزحف ينوي الفرار، لكن الكلب حصل على ساقه ودس أنيابه عميقا فيها حتى تفشى الدم وصبغ بنطاله. صاح هايدن واحمر وجهه لدرجة أن عروق عنقه قد برزت من شدة الوجع.
لم يتقاعص الكلب ولم يظهر الرحمة، فجرجره للوراء وهايدن بشق الأنفس التقط حجرا والتفت ليهم بضرب الكلب كي يفلق رأسه لنصفين.
"كفى! ابتعد عنه!"
انتصب الكلب ورفع أذناه عاليا، فاتجه برأسه صوب مصدر الصوت ونفذ الأمر بالابتعاد، يكف نفسه عن إيذاء هايدن وهايدن قد عقد لسانه وعلق فاهه بالهواء من هول صدمته، لما وجد أن آمر هذا الكلب هي مدام جوان بشحمها ولحمها.
"مرحبا بكَ يا دوريان" تبسمت وطرفي شفتها للأسفل في اكثر ابتسامة مجنونة. رفعت كلتا حاجبيها شامتة بينما يقف ولدها إلى جوارها "انظر لنفسك ولما فعلت" حركت كتفيها باستمتاع "ارتديت لباس البطل وأوهمت من تبعك بأنك بطل ستخلصهم من الأسر"
"لكن يجب أن أوفيك حقك بالشكر، فإخراجك لهم نحو الهواء الطلق جعل من صيدهم أسهل" دبت ضحكة جوان بتزامن مع الطلق الناري المستمر وابنها قهقه مع والدته، كأن ما تقوله هو أكثر شيء كوميدي على الإطلاق "كم احبك يا ابن أخي فانت دوما ماهر بإفساد كل شيء"
انتقلت جوان بطرفها نحو الضباب ونادت "هيا تعالي هنا فقد وجدت لأجلك صيدا مشرفا سيرفعك درجات عند حضرته" ومن نادت عليه كانت بيرل التي ظهرت حافية القدمين بثوب زفافها الأبيض وفي جعبتها بندقية ذهبية اللون أيضا مثل البقية.
فوقفت إلى جوار جوان والمدام وضعت يدها على كتفها، تهز بنيانها كي تستجمع ذاتها وقالت "هيا يا بيرل، ارفعي بندقيتك وأنهي هذا الأمر، اثبتِ ولائك لحضرته" ومع قول المدام لهذا رفعت بيرل بندقيتها وضيقت عينا، لتبصر بالأخرى رأس هايدن الذي ستستهدفه.
"ب.. بيرل" نطق هايدن أخيرا واهتز صوته من هول ما يرى "بيرل لا" هز رأسه يستحلفها أن تنزلها "لا، لا انتِ لا يمكنك فعلها... انتِ لا يمكنك"
"هراء!" قاطعته جوان وضربت على ظهر بيرل "لا تدعيه يثرثر وأنهي أمره"
"بيرل..."
اهتزت يد بيرل ووهنت قبضتها رغم نظرتها الثاقبة، فقالت لما رأت الخذلان قد اعتراه "اخبرتك، اخبرتك أن تفر بجلدك لكنك لم تستمع"
"لا، انتِ لا يمكنك الوقوف بصفهم يا بيرل"
"صمتا!" اخرسته جوان فصاح يسمع بيرل "انت لا يمكنك محالفة هؤلاء الذي عاداهم شقيقك!"
"هؤلاء هم من كان يحميك منهم!"
"انت لا تعلم شيئا عن أخي"
"بل أعلم! أعلم عنه اكثر مما تتصورين، أعرف عن اعتدائه بالشابة آنوك وأعرف الشيطان الذي اصبح عليه!" اهتز صوته بسبب ساقه التي لم تكف عن النزيف "وأعرف عن الطريقة التي علمك إياها لتفري من اصحابه الشياطين"
شاهد هايدن وهن قبضتها وانخفاض بندقيتها فهز رأسه للجانبين "لقد عمل جاهدا ليبقيك بعيدة عنهم ثم تذهبين وتضعين يدك بيد قتلة شقيقك!"
"بيرل، أيتها الحمقاء ألا تريدين رضا والدتك؟!"
"والدتها التي لم تردها؟ أم التي توسلها ماركو ودفع المال لتأخذ اخته الصغيرة؟"
أشاحت بيرل بطرفها عن هايدن، لعدم قدرتها على النظر إليه "أهذه هي العائلة التي تكافحين ليل نهار لأجلها يا بيرل؟! أم واخت ملعونة قاما بشرائك بثمن بخس لتكون دمية بين أيديهما... أهذه هي الديار حيث تنتمين؟! أهذا هو الحب الذي تبتغين؟!"
"كم انتِ مثيرة للشفقة بيرل، إنكِ تثيرين اشمئزازي"
انكسر حاجبا بيرل وانقلب طرف شفتيها للأسفل تذرف دموع خيبتها وخسارتها العظيمة، فلا عائلة، لا قرية ولا حبيبها بقي في جعبتها، لذا تراجعت عنهم للوراء وابصرت ما حولها بندم. انصتت للرصاصات التي تفر من أفواه البنادق تصيد من كبرت بينهم والوحوش من فوقهم تمر ماضية في طريقها نحو الذهب، في اكثر مشهد سوداي لا يمكن لأي كابوس اختلاقه.
كانت هذه الليلة جحيما لم تعرف بيرل أبدا نهاية له، لكنها علمت بطريقة للخروج منه، فرفعت فوهة بندقيتها لتستقر أسفل ذقنها واصبعها كان مستعدا للضغط على الزناد.
استرقت النظر لهايدن لآخر مرة، لذلك الغريب الذي أتى من بعيد، بأبهى حلة تفوح منها رائحة الصابون، فكان ورغم العداوة بينهما دوما ما يمد لها يد العون، فكان الوجه الوحيد الذي لقيته لما سقطت من المنحدر، والعزيز الذي حملها على ظهره، طوال الطريق نحو البلدة.
ولقد كانت عيناه هي بصيص الأمل الذي امتد ليضم بدنها الهزيل، عندما انهارت في الغابة وفي حضنها جثة كلبها ذهبي.
"بيرل" نطق هايدن لا يسعه رؤيتها وهي مقدمة على ازهاق روحها، لكن شفقته تلاشت بسبب الرصاصة التي ثقبت ساقه فاشتد صياحه وتردى بدنه أرضا "سحقا لك وسحقا لها" اعترضت جوان "سأتدبر أمر الوضيع ثم سأتعامل معك، رباه كم تمنت أمي لو يستبدل الحكيم عديمة النفع تلك به لكن لسيادته حكمته وسأحرص على التخلص منك كما خلصت على أخيك من قبلك، فانتم يا غلور رصاصة واحدة في الرأس تكفي لاسقاطكم"
تمشت جوان نحو هايدن الذي تلوى كالحشرة عند دهسها ورفعت بندقيتها بوجهه "افتح عينك كي اتشرف بثقبها" لكن نيتها لم تتحقق فرأسها هو الذي ثقب والرصاصة قد حفرت في لحاء الشجرة. لم يتسنى الوقت لجوان بأن تلتفت لترى قاتلها أو يرف لها جفن فسقطت جاثية على ركبتيها ثم ورأسها استقر إلى جوار رأس هايدن.
اهتزت أنفاس هايدن لدى رؤيته جوان شاخصة العينين والدماء تفيض بغزارة من رأسها كالنافورة، فألقى نظرة لما خلفها ليجد أن الفاعل هي بيرل التي عادت بذكرياتها لتلك الليلة التي اخفاها شقيقها يعدها أنها ستكون بأمان إن التزمت الصمت ثم فر راكضا ليصيده الموت شر صيده وفاعلها كان آخر من توقعته. جوان التي نادتها باختي...
"أمي! ما الذي فعلته بها أيتها الملعونة!" صاح ولد جوان ورفع سكينا ذهبيا فضربته بيرل مسقطة إياه لكن الكلب غلبها وقفز عليها.
قاومته بهيكل البندقية الذي دسته بين أسنانه وحاولت ابقائه بعيدا عنها لكنه كان أشد قوة منها، وأشد جوعا فسال لعابه ملطخا وجهها حتى ظنت أن نهايتها ستكون بين أنيابه لولا هايدن الذي زحف، ليجرد جوان من بندقيتها وبخمس رصاصات أنهى عليه.
شبت النار في بدن الكلب فجأة والتهمه بنهم منهية عليه ومن بين ألسنة اللهب، سمعت بيرل زمجرة شيطان ولمحت هيئته، سوداء قاتمة وفي رأسه قرنان.
سكنت مكانها بضع ثواني من قبح ما شهدت ثم ركضت مسرعة لما سمعت أنين هايدن، لتنزل جاثية عنده، تسنده على الشجرة "هايدن، رباه هايدن!"
"اربطيها، اربطيها حالا" دفع يديها عن وجهه كي تستعجل، فمزقت من تنورة ثوبها وعقدت بها ما ثقبته الرصاصة، ليتبدل الأبيض إلى أحمر والهريرات ركضت نحوه قلقة بعد أن ذهب الخطر.
ربت على الهريرات فلا يجزعن وعن بيرل، فلقد حملق بها ثم أغمض عينيه وأشاح ببصره عنها، لا يسعه النظر إليها وتصديق ما كانت مقدمة عليه
"هايدن، إني آسفة فسامحني" احتضنت وجنتيه بكفي يدها تسأله المغفرة ولما لم تجد منه ردا، ألقت بوجهها في عنقه "أرجوك أغفر لي، أغفر لي ذنبي فلا يوجد عندي عذر يقال"
"لقد قتلتني بالفعل يا بيرل، قتلتني بلا رصاصة" افصح لها هايدن واصابعه طالت ذراعها الملتف حول عنقه "إن ما تسأليني لصعب التحقيق" شعر بدموعها الحارة تبلل جلد عنقه فربت على ظهرها بلا بأس واكمل "لكن سأحاول تحقيق طلبكِ إن ساعدتني بإخراج من استطيع من هنا، انتِ منهم وتعلمين اكثر مما اعلم وأظن ما اطلبه لهو دين عليك سداده"
"أود ذلك يا هايدن لكنه مستحيل، فالصيادون يحيطون بنا عن يميننا والوحوش عن شمائلنا"
"إذا لنقصد الجنوب" رفع حاجبيه بوهن وتبسم لها بقلة حيلة "وإن قتلت فعلى الأقل سأموت بلا ندم"
رفعت بيرل طرفها إليه وقد كانت محمرة العينين والأنف من فرط الدموع، حدقت به متأملة وهو فعل المثل، لدرجة أن ابهامه استقر ضد وجنتها يمسح عنه أثر التراب الذي لطخه "لما تبدين جميلة؟" تبسم ثم أخرج من لفائف شعرها الشعثاء غصنا علق فيها وألقاه ومع رحيل الغصن، هو دنى بلا أذن وافترشت شفته فوق شفتيها، بقبلة لا أثر فيها لهوس ولا لغريزة بدائية وإنما مجرد قبلة رقيقة، ليطلعها على ما بقي في جوفه من مشاعر لها، خشية الرحيل عن هذه الدنيا نادما وليلقي على احاسيسها وداعا يليق به.
فصلها هايدن ولم يطل فيها، ثم حاول النهوض وتركها مع نفسها، تحاول إدراك ما مرت به قبل قليل، ثم نهضت من بعده وأسندته لما وجدته في مشيته عرجة.
مضى الاثنان في الضباب وقد لقيا في طريقهما جثة تبدل لونها من شدة عفونتها ونهشها الدود فكانت كابوسا حيا لمن يراها "سحقا! سحقا ما هذا؟!" غطى هايدن أنفه على الفور وبيرل أغمضت عيناها بأسى وأردفت "إ.. إنه أبي... لقد قتلت كلبه الأسود، فسقط الوحش صاحب جمجمة الكلب"
"والدك هو صاحب جمجمة الكلب؟!" انتقل ببصره بينهما، لا يصدق ما يسمع لكن الذهول تبدل لما كادت أن تلوح رصاصة بهما، فأخفته بيرل خلف شجرة على الفور وهي إلى جوراه، وبحكم ما تجيده في الصيد، برصاصة واحدة تمكنت من اسقاط ذلك الصياد وهو لم يكن الأخير، إذ انهما قابلا من الصيادين آخرين، إلى فرغت ذخيرتها عندما انتهى بها المطاف وجها لوجه، أمام أمارا والوحوش قد تجمعت في نقطة مكشوفة من الغابة، حيث لا شجرة تظلل القمر وتخفيه عن الأنظار.
"من المؤسف أنك وصلتِ لهنا كعاصية لا حليفة يا بيرل" أردفت أمارا شامتة ومايكل وصل لهذه النقطة جريحا ويده خاوية، لا أثر لغصن التفاح خاصته "دوريان! رباه انت على ما يرام وبيرل انتِ هنا!" التفت نحو أمارا وبذراعه ابعدهما خلفه "حذاري من هذه الشمطاء فلقد أزهقت زوجها روميو والكثير غيره!"
تبسمت أمارا بإعوجاج شامتة "اوبس، هل رأيتني؟ عجبا لما لم أرك أيضا، مع الأسف لم اتمكن من الانهاء عليك في تلك الليلة في كوخك يا مايكل"
اتسعت عينا مايكل لاستيعابه ما تقول ولقد فار دمه في عروقه، للدرجة التي دفعته برجمها بحجر، يقذفها بأقبح الألقاب، فهي كانت زوجة صديقه وقريبة من يحب "شيطان! انك شيطان!"
قهقهت أمارا ثم اردفت "إنك لم ترى من الشياطين شيئا بعد" والوحوش من حولها تقدمت مهددة إياهم، فتدافع الثلاثة ملاصقين بعضهم البعض ومايكل من شدة حرقته التقط حجرا ورجم به صاحب جمجمة الجدي يصيح مطالبا بالانتقام، فأطلقت أمارا حينها رصاصة، وهايدن جر مايكل ليحميه، فمرت من فوقهما والوحش ذو جمجمة الجدي زمجر عاليا وضربته الباطشة هزت الأرض تحتهم.
تراجعت أمارا وسقطت أرضا لتصعق من بيرل، التي ركضت نحوها وقفزت عليها كي تجردها من بندقيتها "نعم! نعم تعالي إلي أيتها الملعونة!" قهقهت أمارا "آه لقد تحققتِ امنيتي أخيرا وها أنا الآن سأدمرك يا خطافة الرجال!" قلبت أمارا الأدوار فاعتلت بيرل وبهيكل البندقية ضغطت على عنقها تشد عليها الخناق.
فلما وجدت أمارا من بيرل مقاومة احكمت قبضتها ولكمتها مرات عدة، تتوق لتعذيبها قبل قتلها وبكل ضربة كانت تنتقم منها، لكل مرة لفظ زوجها اسم بيرل عوضا عنها وهو ماكث بين ساقيها.
"بيرل!" أراد هايدن الوصول إليها لكن صاحب جمجمة الجدي، قد دنى برأسه ومحجر عينيه الخاوي استقر أمامه، يبحلق به وهايدن كلما أمعن النظر، شعر بذاته يهوي في الظلام اللانهاية وشوشرة خافتة ثقبت أذنيه، متفشية في لفائف دماغه ولم يخرج منها مهما هزه مايكل ليستفيق، إلى أن فرت رصاصة طائشة من بندقية أمارا وحطمت جانب الجمجمة، لتتناثر شضايا العظم كاشفة عن أفواج من الدود والصراصير تمضي وتلتهم صاحب العين الزرقاء أسفل القناع.
شق الفطر طريقه في الجمجمة حتى تحطمت وذاب سواد بدن الوحش كموج جارف، فتضائل حجمه وانكمش ليكشف عن الشيطان الحقيقي أسفل العبائة والتي كانت مدام ميلينا بشحمها ولحمها...
"الجدة ميلينا؟! يا من في السماء ارحمنا!" صاح مايكل من هول صدمته والجدة ميلينا لم تعد جدة، بل ازدادت شبابا وزهوا فكانت كالشابة اليافعة في سن الصبا "دوريان! عزيزي دوريان كم قلقت عليك! خشيت أن تطولك رصاصة منهم لكنك حي ترزق هنا أمامي" كوبت مدام ميلينا وجنتي هايدن ثم ألقت برأسها على صدره مسرورة، والوحوش من خلفها قد نزعوا أقنعتهم، كاشفين عن هوياتهم.
فكان ذو جمجمة الحصان السيد هوفمن وصاحب جمجمة الثور هو السيد بينيت والبقية لم يكونوا سوى كبار العائلات التي تبقت، لكن هؤلاء العجائز لم تعد التجاعيد أو الشيب يعيبهم، إذ كانوا يافعين شديدي الجمال، كما لو انهم ملائكة نزلت على الأرض تمشي بأمر من القدير.
"أين هو مائيل حفيدي؟" سأل السيد هوفن ولم يعلم أن مائيل كان مهشم الرأس لتجرأه على قتل غصن التفاح.
"انتِ تمزحين، لابد انكِ تمزحين" تراجع هايدن عنها وابتغى الفرار، ليعين بيرل التي فاضت الدماء من أنفها وفمها لكن ميلينا منعته "لا تخف مني يا دوريان، إنها انا جدتك فتعال إلي، سأحادث الحكيم وسأجعله يوافق على ابقائك جانبي فيستبدلك ببيرل"
"آه!" تآوهت بيرل جراء ركلة أمارا في بطنها، فتكورت حول نفسها وبحرقة شاهدت والدتها ميلينا تفضل دوريان عليها، فأغمضت عيناها ودمعتها انسابت، لكن تلك الأم لم تعد أما لها وإنما شيطان من الانس يسير على قدمين، لذا عزمت أمرها وتأملت أمارا الحاقدة عليها، فجاهدت بيرل نفسها للنهوض وحرصت على التبسم شامتة، لذا مسحت عن أنفها الدم واردفت "أخبريني يا أمارا هل كان اسمي هو آخر ما نطق به روميو قبل أن تفجري رأسه؟"
لم يسع الوقت بيرل لتنطق بالمزيد فلقد ركلت بقوة حتى تردى رأسها واستقر على التراب، بينما فوهة البندقية ضد جبينها استقرت وأمارا فوقها واقفة.
عاودت بيرل التبسم كاشفة عن صف أسنانها الذي تصبغ بدم لثتها "انظري إلي يا أمارا! أنظري لجمالي ولمجدي!" قالت بيرل رغم شعرها الأشقر الذي علق الورق فيه وبياض جلدها الذي اتسخ بالطين "انظري لهذا الثوب الأبيض، فهذا هو الثوب الذي حلم روميو أن يرفع تنورته ويتوغل بين ساقاي" ضحكت بيرل وغرقت أمارا في غيضها وغضبها اكثر ولم تفطن إلا بعد فوات الأوان، لما دفعت بيرل البندقية عن جبينها وجرت أمارا لتحكم على ياقتها، فضربتها بجبينها ثم صعدت بيرل فوقها لتجني انتقامها مما فعلته بها.
"لقد كنت أعز صديقة لي!" زجرتها بيرل "لقد احببتك! احببتك اكثر من نفسي واكثر من أخي حتى!" زحفت أمارا من تحتها تنوي الوصول للبندقية وصاحت بها "وأنا لم احبك إطلاقا! لقد كرهتك وكرهت كل ما تملكين!"
"وما الذي امتلكته أنا؟!" قبضت بيرل على شعر أمارا تشده من حرقتها، فهي كانت تعيسة الحظ لا تملك حب عائلتها ولا حب نفسها.
"امتلكتِ قلب الرجل الذي احب!" فرت أمارا من تحتها وطالت البندقية لكن رأسها تردى بسبب بيرل، التي انزلت عليها يدها وفيها حجر فضربتها مرار وتكرارا بينما تشتمها، فهي إن اظهرت الرحمة أمارا لن تتهاون بقتلها "غبية! غبية انت يا أمارا!" زمجرت بيرل بقهر لما سكن بدن أمارا أخيرا "سحقا لك وسحقا لدماغك هذا! كيف لك التخلص مني لأجله!"
ارتجفت يد بيرل فألقت الحجر ثم انهارت تولول على صديقتها التي قتلتها بيدين عارية، فألقت جبينها ضد ظهر أمارا الراكد واسمعتها خالص اسفها، لانها رحلت عن هذه الدنيا مستائة من الحب الذي خنقها ولم يسعدها.
وفي الجهة الأخرى كان الجدال بين هايدن وميلينا شديدا، فلقد افصح لها عن هويته الحقيقة وأن حفيدها دوريان انهى حياته بيديه، فقط كي لا يعود إلى هذه القرية المجنونة. بالطبع ميلينا لم تتمالك نفسها وهمت عازمة على قتل هذا المحتال الذي آوته في منزلها، لكن خطواتها تباطئت ولازمها الوهن، فابصرت يديها لتجد العمر مضى بسرعة فعادت التجاعيد والتصبغات بل واشد.
حدقت ميلينا بهايدن ثم ببقية كبار القرية، فشاهدوا الشيب يتخلل شعرها، ظهرها قد انحنى واسنانها تساقطت واحدة تلو الأخرى. فزعت ميلينا مما اصابها وصاحت هلعة، تستنجد أن يسعفها احد وتشبثت بقميص هايدن "انجدني! انجدني يا دوريان!" لكن ساقيها ما عادت تحملها من ضعف عظامها فسقطت وانكسر حوضها. ضل جلدها يتبدل حتى جفت عيناها وغارت غارقة في محجرها، ليفيض منها الدود وتردت كالجثة العفنة أمامهم...
"ما الذي اصابها؟! كيف ماتت شر ميتة هكذا؟!" صاح مايكل فزعا وهايدن هز رأسه لا يدري.
"الجدي! لقد قُتل حيوان الجدي! يا ملاعين ما انتم فاعلون بنا! ازهقتم روح تلك المرأة البريئة ولم تدعوا لأولادنا راحة!" عزم بينيت على قتلهما بيديه فهم كانوا شياطين انس لا تشيب ولا تموت وانما تزداد جمالا ونضارة، لكنه هو الآخر قد اصابه ما اصاب ميلينا وتفشت الديدان في بدنه ليتردى ميتا.
"أنا لن أرضى بهذا! إن بيننا عهد فهل تسمعني! أعد لي حفيدي وذريتي التي قتلت! آه.. آهه! اللعنة!" صاح هوفمن فزعا لما تساقط شعر رأسه ولم يصبه ما اصابه ميلينا وبينيت إلا بسبب حصانه الأسود، الذي حاصرته الحيوانات ورفست الاحصنة وجهه بحوافرها مرات عدة والطيور ثقبت مقلته وانتزعتها.
"بيرل!" نادى هايدن على بيرل وركض ليحذرها من كبير عائلة آرنر الذي سقط قبل أن يصل إليها فشاهدهم يتساقطون من تلقاء أنفسهم واحدا تلو الآخر.
"هايدن! يا هايدن إني اسمع الذهب!" نعق الغراب وحلق فوقهم يحذرهم مما يسمع لكن المصيبة قد لاحتهم بالفعل فالأرض من تحتهم اهتزت وتصدعت...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة