illynaz illynaz
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة

  1. كارلينا تمثلني إذا صرت أم 😂😂😂

    ردحذف
    الردود
    1. كارلينا تمثلنا كلنا كامهات 🤣🤣

      حذف
  2. مسكينة بيلا وراها ايام سوداء من عائلة دي كارلو

    ردحذف
  3. الفصل يجنن خصوصًا النهاية فانتاستك استنى الفصل الي بعده على احر من الجمر🫂♥️

    ردحذف

لا تخبروا زوجتي؛ الفصل العاشر


 



"خالتي ميرا، يا خالة استيقظي فموعد الفطور اقترب!" هزت فاليريا بدن ميرا الثقيل وقد لاحظت الشابة أن لزوجة خالها خصرا ضيقا يواكب الموضة "خالتي ميرا اقسم أنها لا بك ولا بي ستظهر الرحمة"


"مم... من؟ ماذا ولما؟" تذمرت بيلا وانقلبت على ظهرها تفرك عينيها فاستعجلت فاليريا بالخروج وقالت "لا تفوتي وجبة الفطور خالتي! إني ذاهبة لأتجهز" اغلقت الباب خلفها كي تتحضر أما عن بيلا فلقد ألقت نظرة للساعة وشتمت هذه العائلة بمن فيها، فمن هذا المعتوه الذي يُفطر في السادسة صباحا؟ أذنت لنفسها بالراحة لكن راحتها انقلبت لغفوة ولم تستيقظ إلا بعد مرور عشرين دقيقة فهبت بسرعة الريح ودست قدمها في جزمتها كي تسرع بالجري نحو غرفة الطعام ويداها تعدل ما تبعثر من شعرها.


"المعذرة فالنوم قد غلبني وما كنت قادرة على المقاومة" تعذرت بيلا مرا عدة وجلست في أول مكان شاغر، فركت اصابعها كي تهم باختيار طعامها إلا أنها تعجبت من رؤية الطبق مملوئا أمامها بالكبدة والخضار.


اشمئزت بيلا مما وجدت وتعجبت من أمر هذا الذوق العفن في الطعام بل وتعجبت من كون الجميع جالسا بثياب مهندمة كما لو أنهم وفد سياسي حضر لرؤية الرئيس.


"عزيزتي ميرا انت لم تتخلفي عن موعد الإفطار فحسب" ارغمت صوفيا نفسها على التبسم وكلما ارادت توبيخ هذه الشابة ذكرت نفسها بوصية نيكولو أخيها.


"ماذا؟"

"عيناك" مالت داريا برأسها كي تهمس لبيلا فتفهم أنها لم تغسل وجهها أيضا فلازالت أوساخ النوم تلوث عينيها وجانبي فمها.


"آه، المعذرة" طأطأت بيلا رأسها بخجل والتقطت المنديل الذي مررته داريا لها من تحت الطاولة، فمسحت به عينيها وجانبي فمها أمام صوفيا التي فار دمها وكاد أن يغشى عليها، فإن وجد هناك ما يهلكها ويصيبها بالشيب هو عدم النظام وانعدام النظافة.


"من أين جلبت لنا هذه المرأة يا أخي العزيز، عافاك الله وشفا دماغك المريض" تمتم صوفيا ويداها ارتجفت لما رأت بيلا تبلل المنديل بلسانها كي تمسح اليبس جانب فمها.


"ميرا!" صاحت بقهر ولما رأت الفتاة ارتعبت، اعتصرت صوفي قبضتيها وزيفت بسمتها "لا بأس عزيزتي، هيا تناولي طعامك قبل أن يبرد"


"شكرا جزيلا لكن... ألا يوجد ما يؤكل غير هذه؟ أعني كبدة وفي الصباح؟ معدتي ستحتضر بالتأكيد"


الكبار من الحاضرين قد تعجب واستنكر فضاضتها أما اليافعون فقد كتموا ضحكاتهم بصعوبة مثل فاليريا وريكاردو الذي كاد أن يشخر فكتمها واعتذر من عمته صوفيا "آسف، آسف"


"سأطلب غيرها فإني لا أطيقها ولا أطيق رائحتها" رفعت بيلا يدها تنادي على النادل وريكاردو أمكنه رؤية الدخان يتصاعد من رأس عمته صوفي.


"ستقتلها" تمتم ريكاردو لفايوليت فكتمت الشابة قهقهتها ثم انتقل لفاليريا يود لو يمازحها لكنها قابلت نكتته بالصد فكف نفسه عنها وفي جوفه حسرة. يود لو يضحكها كما يفعل مع بقية قريباته الصغيرات.


"دعيها تمر هذه المرة يا صوفي وأنا سأحادثها على جنب، لا تحرجيها أمام الصغار فهي جديدة ومكانتها من مكانة نيكولو" واستها أدرينا بهمس فلا تسمعها بيلا.


"إطلاقا، إياك وجمع اسم هذا الشيء العشوائي بأخي المحترم" اعتصرت صوفيا على قماش ثوبها ثم بدأت بالعد تنازليا من العشرة حتى الواحد كي تخفف من وطأة اعصباها لكن هذه الطريقة اكتشفت أنها لا تنفع مع بيلا والتي أطلقت عليها لقب الشيء العشوائي. فمع مضي الوقت أدركت أن هذه الفتاة مفتقرة لتعاليم الأفندية، فهي تضحك بصخب وكلما اشتد حماسها في الحديث علا صوتها وقد كان لها رنة ضايقت صوفي كما لو أنه شوكة تحتك بطبق سيراميك.


لا المشية كانت كالعود مستقيمة ولا الجلسة أنيقة وما أثار اشمئزاز صوفيا هو حقيقة تجولها بالمنامة في كل مكان خارج غرفة نومها.


"ميرا عزيزتي سنحتسي الشاي" زمت صوفيا شفتيها باسمة تنتظر من الشيء العشوائي هذا أن يفطن قبح ذنبه وتذهب لتبديل هذه المنامة وبيلا لم تجد حرجا من ثوبها، فهو طويل فضفاض وذو لون اصفر وما جعله وديعا هو ياقته البيضاء المزركشة، فبدى حالها من حال صبية لم تتجاوز الثامنة عشر.


"هذا رائع" قالت بيلا وصف اسنانها كان ظاهرا من شدة ابتسامتها فبيلا ماكثة بين المجموعة اليافعة من العائلة والتي تبدأ من داريا وتنتهي بفايوليت ابنة السابعة عشر.


"بئسا لك يا نيكولو، بئسا لك وبئسا لذوقك العفن في النساء! أبعد زوجتك المصون الرزين جلبت لي هذا العود الأعوج!" لطمت صوفيا بحسرة، بعيدا عن أنظارهم ثم سحبت من أسفل ياقتها قلادة وكشفت عن غطائها تتأمل وجه والدتها.


والتي علمتها النظام والنظافة كالألمان وهذا يعود لنسبها فهي ألمانية ابنة ألمانية وتمنت من أعماق قلبها لو تخرج من قبرها وتعيد ضبط هذه المرأة ميرا.


"كم أنا متشوقة للعودة فالعطل ليست هوايتي المفضلة" حكت داريا وألقت قدما على الأخرى فتبسمت فاليريا واراحت برأسها على كتف خالتها "وهل العيب في العطلة أم في الغياب عن حبيب القلب"


"عيب!" زجرتها داريا وصنعت وجها صارما فاعتذرت فاليريا ولما ولت أدرينا مغادرة لحاجة تقضيها، انقلب وجه داريا مئة وثمانينة درجة فباتت تضرب بفاليريا كالمراهقة التي لا تقاوم وجع العشق.


"لا تذكريني بفيتو! آه يا فيتو لما لم يوافق أخي على اصطحابه معنا، كان سيلطف الجو علينا كما يلطف البلسم جلد القدم المتفطر" ذابت داريا كالولهانة وتأملت السقف تتخيل حبيبها.


"من فيتو هذا؟" سألت بيلا بفضول وقد ضاقت عيناها من شدة ابتسامتها وهي ترى هذه المرأة، ذات الهندام الأنيق قد خارت قواها وخرجت مفاصلها عن ارادتها فور تذكرها المدعو فيتو.


"فيتو؟ وتسألين عن فيتو" ضحكت داريا وحركت يدها لتخفف من حرارة وجهها "إن فيتو هو قطعة من قلبي"


"بل هو قلبي كله، أوليس القلب يقول بوم بوم؟ إن قلبي لا يقول بوم بوم بل إنه يقول فيتو، فيتو" 


انهارت فاليريا وفايوليت من شدة الضحك على خالتهن المغرمة أما بيلا فقد رق قلبها على هذه المرأة المسكينة واستذكرت حبها العظيم لماتيو لكن حالها تبدل لما مر طيف زوجته خطافة الرجال أمام بصرها ثم سألتها "أهو الذي ستتزوجين به كما قال نيكولو؟"


"مم، نعم. إن عرسنا قريب لكن حبنا قديم"

"حقا؟"


"بالتأكيد فأنا مولعة به منذ أن كنا صغارا وقد كنا نلتقي خلسة دون علم أحد"


"أجل وقد كادت خالتي العزيزة أن تفر هاربة معه في ليلة ظلماء" عاتبتها فايوليت فزجرتها داريا "إنك لن تفهمي حال العشاق حتى تعشقي" 


تضايقت فايوليت من قول خالتها وفي نفسها قالت ما أدراها إن لم أكن ولهانة أيضا.


"وماذا حدث بعدها؟"


"وماذا حدث؟ زوجك الملعون! امسك بنا مسكة الشرطي للمجرم وجرنا من قفانا للمنزل" تجعدت معالم داريا لأخرى مغتاضة وهي تذكر الموقف الكسيف الذي وقعت به، لما امسك بها شقيقها متلبسة وهي تلوذ بالفرار مع عشيقها.


"لكن الشكر يعود لأدرينا فهي وسوست برأسه أني مجنونة قادرة على شنق نفسي، فأشفق علي ورضي بتزويجنا لكنه البغيض قال حينها -لتأكل ناركما حطبكما- بشماتة"


"نيكولو قال هذا؟ إنه لطيف" ضحكت بيلا وقد اعجبت بروابط هذه العائلة المتجذرة عميقا في قلوبهم، فها هو شقيقها ركض خلفها غائرا وخائفا عليها من رجل غريب لكنه من شفقته عليها سلمها رضاه. ضاعت بيلا حينها في لفائف دماغها تستذكر عائلتها التي نسيت متى آخر مرة تسامروا فيها أو اجتمعوا حول مائدة.


حينها تجلى نيكولو في نظرها وإن لم تكن موافقة على صرامته وفي نفسها احست بالإشتياق إليه، فقد مضى على افتراقهما يومان، إذ برحيله تجلى اسمه وزادت معزته. فباتت تتوق لرؤية هذا الرجل بطل عائلة دي كارلو، إذ تخلف عن راحته وعاد راكضا ليجلب ابن اخته الضائع.


وفي آخر ليلة لها في هذه الرحلة عجزت بيلا عن النوم مجددا فحثتها نفسها اللئيمة أن تأخذ وسادتها وغطائها فتنام إلى جوار البقية ولما عزمت على تنفيذ خطتها، تعجبت من رؤيتها ريكاردو يسير في الممر ذهابا وإيابا يردد بيت شعر يود نظمه لمن يحب.


تبسمت بيلا واراحت جانب وجهها ضد إطار الباب تنصت إليه وقد طيب فؤادها منظره والحياء يكتسحه من حقيقة المكوث أمام من يهوى والبوح بهذا كله لها.


فسألت نفسها هل غلب ماتيو الهم في يوم كي يبوح لها بحبه؟


استدار ريكاردو وفزع من رؤيته زوجة ابيه تنصت لسره ففار دمه من شدة خزيه وغضبه، فدفعه كبريائه الذي خدش لخدش كبريائها "أما تعرفين الحمحمة أو النحنحة؟"


"المعذرة يا عزيزي لكن جمال كلماتك قد غلبني، أتجهز اعترافا؟"

"وما شأنكِ انتِ؟ حقا ما قالت عمتي صوفي إنك امرأة لا أخلاق لها"


احست بيلا بالاهانة الشديدة وكادت أن تجادله وتأدبه لولا مرور كارلينا الممسكة بيد ابنها بعد أن اصطحبته ليقضي حاجته "ميرا؟ ريكاردو ألم تخلدا للنوم بعد؟"


"هذا ما كنت سأفعله، عمتما مساء" جرجر ريكاردو كرامته المبعثرة وولج لحجرة عمته صوفي حيث يمكث معها ومع باقي عماته ألا وهن أدرينا وبيانكا.


"أحلاما سعيدة لك كارلينا"

"ولك عزيزتي"


أغلقت بيلا باب غرفتها ثم ارتمت بظهرها عليه وهي تعيد كلمات ذلك الولد الجاحد "أين والدك عنك يا منعدم التربية" وهكذا مضت ليلة بيلا الأخيرة في ما يسمى -شهر العسل- والذي قضته مع الجميع إلا زوجها وفي اليوم التالي نزلت مع حقائبها حالها من حال باقي الراكبين واستنشقت هواء روما.


تخيلته عذبا كما وصف لها في القصص لكن الدخان هو ما ملئ رئتيها فباشرت بالسعال ولأنها تباطئت كي تعيش جوا شاعريا، صاح بها راكب أن تتنحى عن طريقه ليمر. تدافعت بيلا معهم مكرهة وكلما ارتطمت بشخص هي تأسفت منه خجلة فمرة ارتطمت وكادت أن تقع لولا يد انتشلتها، هي بحثت عن صاحب اليد لشكره فما وجدته لذا مضت وضربت فتاة صغيرة بحقيبتها.


"عزيزتي إني آسفة" مدت يدها لتعينها لكن محاولتها الطيبة تيبست لما أسمعتها الصغيرة شتيمة من العيار الثقيل مسحتها ومسحت بكرامتها البلاط.


"ما بهم أهل المدينة ذوي لسان قذر؟" اشمئزت من حالهم ولحقت بالعائلة وحالما وجدتها صوفيا صاحت عليها أن تستعجل "ميرا! يا ميرا أين كنت حالمة هذه المرة؟ قفي هنا إلى جواري فلا تضيعي"


لم تعترض بيلا وسارت بجوار هذه العائلة التي ضبطت حال اولادها خشية أن يضيعوا، لكنها ذات العقل الساذج رأت فرخ حمامة قد وقع من عشه الذي بنته والدته في المحطة، فقادتها قدماها لتعينه لولا أن جُرت من معصمها فوجدته ريكاردو يحكم عليها.


"إياك والابتعاد ألم تسمعي قول عمتي"

"دع يدي ولا تتمادى معي يا ولد"

"كي تضيعي فيغضب والدي؟ لا تبرحي مكانك"

"قلت لك دع يدي"


وبخته بصوت منخفض فرمقها بغضب وهي بادلته الحقد، تمنت حينها أن يستسلم لكنه جرها معه كما تجر عماته أولادهن، فلريكاردو حس عائلي بالمسؤولية والفضل في هذه الميزة، تعود لعماته ولوالده بالطبع فمنذ سنِ صغير وهو يتولى مهمة رعاية اقاربه بحكم كونه أكبر منهم سنا.


ناضلت بيلا للخلاص منه ولم يفلتها إلا في خروجهم وإيجادهم السيارات التي اتت لاستقبالهم. فزوج التوأم كارولينا وكارلينا قد حضرا وكم كان السرور باديا على الأولاد لدى رؤيتهم والدهم.


وهناك حدثت الفاجة فلقد وجدوا ابن كارلينا الضائع واقفا إلى جوار ابيه لتدرك المرأة أنها لم تنسى ابنها في نزل لا روس بل نسيته منذ أول يوم في الرحلة. ولولا الكرامة لوبخت صوفيا شقيقتها أمام زوجها على ذاكرتها الضعيفة التي أفسدت عليهم عطلتهم السعيدة.


"نصيحتي يا كارلينا، اقفلي بابك بالمفتاح فلا يصل إليك نيكولو" همست بيانكا لاختها بينما تعانقها مودعة ثم ودعت الأولاد الصغار. والزوجان رحبا ببيلا التي اصبحت فردا من العائلة وقد علمت لاحقا من أدرينا التي تهمس عند أذنها أن هذان الرجلان أخوان أيضا، ويحملان لقب باتشينو.


لوحت بيلا مودعة وفي السيارة بعد تأكد زوج كارلينا من تكدس أولاده الخمسة في الخلف، علق متعجبا من الوجه المليح الذي تملكه زوجة نيكولو ولم يكد يكمل إلا وحصل على صفعة تعيد له رشده "المعذرة يا عزيزي فقد كان هناك ذبابة مارة قرب وجهك"


حيت بعدها بيلا رجلا قد تجاوز الستين يدعى لوريزو وقد كان مقربا للعائلة إذ حضر بسيارته ليقل شقيقات رب علمه، فتلفتت أدرينا حولها يمنة ويسرة كمن تبحث عن احدهم ثم سألت لورينزو "أخبرني أين هو دانيلو؟ لما لم يحضر لإستقبالي؟" 


"سامحيني سنيورة لكن لم أتمكن من رؤيته كي أذكره" 


تنهدت أدرينا بقلة حيلة من ابنها وأدخلت حقيبتها في الصندوق مع حقائب بيانكا وصوفيا. جلس ثلاثتهن في سيارة الأولى والسيارة الثانية قد خُصصت لداريا الأخت الصغرى، ريكاردو وبيلا وكاضافة شاركتهم فايوليت لعدم اتساع سيارة والدها وعن اختها فاليريا فقد ذهبت مع عماتها.


تبسمت داريا لما ألتقت عيناها بمن سيقود سيارتهم وطوله قد حجب أشعة الشمس عن عينيها. تلك البسمة المنفلتة والنظرات الخاطفة، كلها اشارات واضحة قد عنت شيئا واحدا لا غير وهو أن هذا الشاب هو خطيبها..


"فيتو، ما بي أراك تركت عملك وأتيت بسيارتك كي تقلنا" قالت داريا التي جلست في المقعد الأمامي إلى جوار خطيبها.


"ما أنا فاعل إن كنتُ مشتاقا إليكِ" امتدت يده ليحصل على يدها فيقبلها لكن ريكاردو حمحم مذكرا إياه أنه حاضر فلا يتمادى. حينها دحرجت فايلويت عينيها من هذا الشاب الرجعي والذي يحب افساد اللحظات الجميلة.


"من ذاك الذي يتنحنح في الخلف؟ آه ريكاردو هذا انت! لم انتبه لوجودك، أخبرني كيف كانت عطلتك" قال فيتو متأكدا من المرآة الأمامية.


"والآن انتَ منتبه لوجودي فتصرف وفق ذلك"


قهقهت داريا مستمتعة بهذين الذان يتجادلان لأجلها، وفيتو قد انتبه لوجود تلك المرأة الجميلة، الجالسة إلى جوار ريكاردو فقال فيتو مازحا "من هذه ال- بيلا دونا- يا ريكو؟ علمت أن والدك من ذهب ليجلب زوجة وليس انت. أيها اللعوب وجدت لنفسك عشيقة واحضرتها معك"


تيبس بدن بيلا وحدقت بريكاردو ثم بداريا التي وكزت خطيبها فينتبه على لسانه الطائش وهمست له "ما الذي تهذي به يا فيتو! إنها زوجة أخي وليست عشيقة ريكو"


تبددت ابتسامة فيتو وحل محلها تعابير الصدمة فصاح "ماما-ميا!" تلفتت فيتو خلفه مرات عدة يتأكد من هيئة بيلا وتجرع حلقه يحاول ضبط لسانه، لكنه في النهاية انفجر وفجر معه القنبلة "لكنها تبدوا صغيرة عليه! من أي عائلة أفندية ذهب السنيور وجرجر هذه المسكينة"


"فيتو!"


"ميو كارو!" صاح فيتو قائلا -حبيبتي- بلكنة موسيقية رنانة يطلب شفقتها ليكمل "آسف لكن أخاك فقد صوابه بجلبه امرأة بعمر ابنه ليتزوج منها! انطقي هل هو مهوس بالصغيرات أم ماذا؟"


"فيتو! سأخبر أبي بما قلت" تدخل ريكاردو كي يخرس هذا المعتوه، فتوقف فيتو عن الحديث وابتلع لسانه أخيرا "مرحبا بكِ سنيورة دي كارلو في منزلكِ الجديد، آمل أن تكون ارتحتِ في رحلتك"


"شكرا" أومئت بيلا ولم تعرف ما تضيف، فانتقلت ببصرها للنافذة ولمحت انعاكسها فسألت نفسها هل حقا تبدوا صغيرة في السن بالنسبة لنيكولو؟ 


كم كانت بيلا مهمومة في البداية لكن العاصمة روما ومعالمها الجميلة، قد أسرت فؤادها، ولأول مرة هي رأت شوارع عريضة وطرقات مزدحمة بهذا الكم من الناس.


"سنيورة... أعني أمي ميرا، هل زرتِ العاصمة من قبل؟" حاول ريكاردو تلطيف الجو مدعيا حوارا وديا معها.


"أمي ميرا؟" كرر فيتو عبارة ريكاردو ساخرا وكم ود لو يضحك بعلو صوته "آخ منك يا سنيور نيكولو جلبت لابنك أما تكاد تكون بعمره"


"فيتو!" صاح ريكاردو بفيتو، وزفر بضيق مغتاضا مما يقول، لكنه في النهاية كان محقا، فريكاردو لم يكن فخورا أبدا بحصوله على أم بهذا السِن، والأسوء من ذلك كله هو شرط أبيه السخيف بأن عليه مناداتها بأمي. 


"حسنا، حسنا سوف أغلق فمي، انظروا" حرك يده على فمه كما لو انه يزلق سحابا فقالت داريا "احسنت يا عزيزي، ابقى هكذا طوال الرحلة" 


تنهدت داريا بتعب وكم تمنت لو يصلوا للمنزل بأسرع وقت كي ترتاح من همِ هذا الكعب في قدمها. وأمنيتها لم تكن صعبة التحقيق إذ أن فيتو قد دخل بالسيارة لحي سكني ذو أرضية مرصوصة بالحجارة، والمباني السكنية على الجانبين كانت عالية ذات ستِ وسبعِ طوابق.


وبينما عجلات السيارة تمضي في طريقها لمحت بيلا متجر قصابة، فقالت فايوليت مشيرة عليه "هذا هو متجر العائلة الذي يديره خالي" ولما توقفت السيارة أمام بناء ذو خمس طوابق كان مطليا بلون القرميد اكملت فايلويت "وهذا هو منزل العائلة، لابد أن خالتي صوفي والبقية وصلوا قبلنا"


"يقطنون هنا في نفس المنزل؟" ترجلت بيلا من السيارة حالها من حال البقية وحملت ما تيسر لها من حقائبها.


"عمتي صوفي، بيانكا، وداريا يقطنون في نفس الشقة أما عن عمتي أدرينا تقطن في شقة مختلفة مع ابنها وزوجها" تكرم ريكاردو بالحديث وحمل عن فايوليت حقيبتها فتبسمت معجبة بما فعل.


"ماذا عن كارلينا وكارولينا؟" 

"إننا في الشارع الذي في الخلف"


تسلقت فايوليت، ريكاردو وبيلا السلالم للطابق الخامس  وحالما وصلو تعجبت بيلا، من رؤيتها بابا مطليا باللون البرتقالي وجانبه يوجد رف لوضع الأحذية.


"ها هو منزلك الجديد، اسمحي لي لأرى أين وضعت المفتاح" بحث ريكاردو عن المفتاح بينما استغرقت بيلا وقتها في تأمل السلالم اللولبية، التي صعداها ولما أطلت بيلا برأسها، رأت داريا في الطابق الثاني وهي تدخل حقائبها وصوت صوفيا وصلها من الأسفل.


"تفضلي سنيورة.. أعني أمي ميرا" تلعثم ريكاردو مجددا وتنهد بقلة حيلة، نزع حذائه ليضعه في مكانه قبل أن يدخل وكذلك فعلت بيلا وفايوليت "هذه الخزانة نضع فيها أحذية المنزل"


ألقى لها زوجا وانتعل هو زوج وأرشدها للداخل. تأملت بيلا لون ورق الجدران الأصفر والذي كان فيه نقوش صغيرة الحجم وفي كل رف قد ثبت ضد الحائط وجدت تماثيل خزفية، لعصافير ولزهور حتى أنها وجدت تمثال كوخ صغير.


كان الممر ضيقا ولجعله يبدوا أكبر، عُلق فيه المرايا واللوحات ومن بعده هي وجدت غرفة الجلوس، حيث وجدت مدفأة وأمامها طقم أرائك خضراء متماشيا مع النباتات التي وضعت في كل ركن ممكن.


تعجبت بيلا لما سمعت صوت كناري يزقزق، فقال ريكاردو أن قفصه موجودٌ في الشرفة "أنه الكناري الخاص بي وتلك السمكة على المنضدة هي سمكة أبي"


"كيف بقي المكان نظيفا هكذا طوال فترة غيابكم؟"

"آه، في الشقة المجاورة تقطن والدتنا الروحية، اخت السيد لورينزو. والدي وكلها بمهمة الاعتناء بالمنزل في غيابه. الآن دعيني أريكِ بقية المنزل"


فتح ريكاردو بابا ليكشف عن غرفة ورق جدرانها أزرق فاتح، فيه نقوش ذهبية "هذه غرفتي" ثم فتح بابا أخرى لتجد بيلا مرمرا أصفر قد بلط الأرضية والجدران "هذا هو الحمام"


فتح بابا ليريها غرفة الغسيل وأشار على المطبخ وفي النهاية أرشدها للغرفة الأخيرة التي كان ورق جدرانها بلون البيج "وهذه هي غرفة أبي"


"والتي تعتبر  الآن غرفتك أيضا سنيورة، أعني أمي" تلعثم ريكاردو مجددا.


"ريكاردو، والدك ليس موجودا لذا يمكنك مناداتي ببيلا فحسب بلا أي ألقاب"


هز ريكاردو كتفيه بأن هذا شيء لن يمكنه النقاش فيه، وأدخل لها حقائبها في الغرفة "تفضلي، هذه آخر حقيبة. إن احتجتي شيئا فنحن سنكون عند عمتي صوفي"


خرج ريكاردو مع فايوليت من الشقة وأخذ حقيبته معه، فلحقت به بيلا ونادت عليه لتسأله مستغربة "ستذهب بحقيبتك؟ ألا تسكن هنا؟"


"آه، أنا لا أقضي غالبية وقتي هنا بل أقضيه عند عماتي"


"وعن العشاء؟ هل ستأتيان؟"

"العشاء؟ لا سأتناوله عند عماتي"

"حسنا.. كما تشاء"


"خالتي ميرا، تعالي عند عمتي عندما تفرغين فالمنزل فارغ، ما انت فاعلة وحدك؟" عرضت فايوليت فدهس ريكاردو على قدمها كي تغلق فمها، لمحت بيلا حركته ثم رسمت ابتسامة صفراء وهزت رأسها "سامحيني عزيزتي، إني متعبة من السفر لذا سأرتاح"


"حسنا.. لكن لا تنسي زيارة منزلنا! إني متشوقة لقدومك!"


"شكرا فايوليت والآن هيا اذهبا" ارسلت بيلا قبلة لفايوليت ولما رحلا هي اغلقت الباب لتستند ضده متأملة سجنها الجديد، الذي لم يكن فيه أي أثر لذكرى قد تربطها بماتيو أو حتى فردٍ من أفراد أسرتها.


"هل من الطبيعي أن أشعر بالوحشة ولم يمضي على زواجي بضعة أيام؟" سألت بيلا نفسها وفي الأسفل، في شقة العمة صوفيا كانت العائلة مجتمعة.


إذا أن صوفيا قد حملت على عاتقها مهمة ترتيب الحقائب وبيانكا قد ولجت للحمام كي تستحم ليتبقى فقط فاليريا، داريا، فيتو وريكاردو الذي ولج للمنزل حاملا حقيبته بينما يوبخ فايوليت وفي طريقه للمطبخ هو سمع ما دار بين فيتو وعمته.


"هل السيد نيكولو على ما يرام؟ أم أنه يحتضر؟ ما معنى الزواج بفتاة بعمر ابنه، اقسم أني حالما رأيتها ظننتها عشيقة ريكو، ولو كنتُ مكانه لشعرت بالخزي من أبي"


"لا تسأل يا فيتو، نحن أيضا لا ندري ما حل به. دخل علينا البيت في صبيحة هادئة وقال أنه سيتزوج. لم يخبرنا عنها شيئا، سوى اسمها ولما رأيتها لأول مرة في محطة القطار، ظننتها ابنة المرأة التي سيتزوج منها"


دهنت داريا بسكين الزبدة بعض المربى على شريحة خبز وقضمت منها بينما خطيبها قد أنهى الخبزة بيده "بعد هذا العمر فقد أخي صوابه، حسنا لا ألومه إنها جميلة وأنا اعترف، لكن ليس كل امرأة يعجب بها يمكنه الزواج منها! آخ يا فيتو لو ترى عينيه لما يراها... بدا كما لو أن الحياة دبت فيه"


لم تعجب فاليريا بما ثرثر به هذان فهي في قرارة نفسها قد راقت لها بيلا وفي الوقت القصير الذي جمعهما، شعرت كما لو أنها صديقة مقربة من الحي.


"دعكِ من هذا وأخبريني بالمهم، هل هي تعلم؟" سأل فيتو والفضول نهشه.


"لا. أبي لم يخبرها" ولج ريكاردو للمطبخ وأخذ من يد عمته قطعة الخبز ليقضم منها "ومنعنا جميعا من التلفظ أمامها بحرف عن أعمال العائلة"


"كل ما تعرفه أننا عائلة بسيطة لها متجر قصابة" قالت داريا.


"تبا، كذبَ عليها إذا"

"يمكنك قول ذلك" هزت داريا كتفيها بقلة حيلة.

"إني حقا أشفق عليها"


"تشفق على من يا فيتو؟" ولجت بيانكا للمطبخ بينما تمشط شعرها بعد أن جففته.


"على تلك ال-بيلا دونا- خاصة السيد نيكولو"


"تشفق عليها؟" قهقهت بيانكا ساخرة "بل أشفق على سيدك الذي يعيش كذبة لفقها بنفسه، فتلك الفتاة ليست منا وجلدها ليس صلبا كجلدنا، حالما تنتهي مسرحية نيكولو ويرفع الستار عن الكواليس، الخاسر الوحيد سيكون هو سيدك البائس"


"لذا" استندت على حائط المطبخ "علينا التخلص منها قبل أن تتخلص هي من نيكولو"


كل هذا قد مر ولم يعلم أحد من دي كارلو بوصول نيكولو للعاصمة قبلهم والذي حالما وصل، اضطر للتخلف عن اللحاق بعائلته إذ وصله اتصال من لورينزو يبلغه عن مكان من يلاحق. 


فاكتفى بمشاهدتهم من بعيد حيث يجلس في مقعد خشبي تابع للبلدية وتبدل مزاجه لما وقع بصره على زوجته، التي نزلت من القطار ولم يعنها أحد في حقائبها.  عزم على النهوض والذهاب نحوها لكن لعمله احكام عليه الالتزام بها، فدنى منها دون أن تشعر ولما ارتطم بكتفها احد وكادت أن تسقط جرها من مرفقها كي تعتدل ثم تورى عن الأنظار مبتعدا.


شاهدها وهي تلحق بمن اصبحت تشاركهم نفس الاسم ولما أمن عليها التفت واقفا أمام المخرج، ينتظر نزول ظالته والذي حالما وطأت قدمه أول درجة، فزع من رؤيته نيكولو واقفا أمامه ويداه خلف ظهره.


حياه نيكولو باسما والرجل التفت بسائر بدنه، يدفع المسافرين عن طريقه كي يعود للقطار ومن خلفه لحق به نيكولو بخطى متزنة.


"ابتعد! ابتعد عني! الشرطة! لينادي احدكم الشرطة!" توسل الموظفين وتشبث ببدلة قاطع التذاكر لكن نيكولو ألقى بذراعه على كتفه وحياه "أخي! ما بك تزعج الموظف. دعه بسلام وهيا لنذهب فأمي تنتظرنا"


استأذن نيكولو من الموظف دون كشف وجهه وأشار له بحركة خفية أن شقيقه فاقد لعقله، فجذبه معه وسارا بخطى متجاورة وقبل أن ينطق الرجل بشيء نطق نيكولو وهو محتفظ بابتسامته "يستحسن بك ان تبتسم"


"ابتسم هيا"

"ما بالك لا تبتسم؟"


أرغم الرجل نفسه على الابتسام وكم كان هذا صعبا بالأخص وهناك فوهة مسدس مصوبة ضد بدنه.


"احسنت صنعا، والآن دعني أعرفك على نفسي كي لا تمل في الطريق"


"أما سمعت يوما عن الجزار دي كارلو؟"

"ل.. لا، لم اسمع به"


"لقد اصبت في هذا، فكل من يسمع بي معناه أن أجله اقترب"




عن الكاتب

إليناز كاتبة سابقة في تطبيق الواتباد و لي من الاعمال الكثير اشهرها الجميلة و الوحش في الشقة المجاورة, القرية خلف سكة الحديد و روميو و الوحوش في السرداب كذلك قصص سابقة مثل الغراب و الرداء الاحمر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

illynaz