illynaz illynaz
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة

القرية خلف سكة الحديد؛ الفصل الثاني والعشرين

 

"أين هو عمك دوريان؟" سألت جوان ابنها حالما خرج راكضا إليهم للحديقة وحك جانب وجهه ثم جعد حاجبيه وجميع تعابير وجهه بسبب أشعة الشمس "إنه نائم يا أمي"


"لا أصدق كمية الكسل التي يحملها حفيدك ذاك يا أمي، الثور نفسه استيقظ وخرج للرعي في المرعى وذاك لازال يتقلب في سريره" وجهت جوان حديثها لوالدتها ميلينا، التي كانت حزينة على غير عادتها وكيف لها أن تشعر بذرة من الفرحة بعد القرار القاسي الذي أنزله الحكيم بحق دوريان. 


"دعيه ولا تزعجيه" اكتفت بقول ذلك ثم اشاحت بصرها، تحدق ببيرل التي دست فوهة البندقية بالذخيرة. تأملت ميلينا ابنتها الحلوة التي انتزعتها من أسرتها لما حاولوا التخلص منها وهي في المهد.


وميلينا ما كانت لتعصي أمر الحكيم حينها وتناضل للاحتفاظ بهذه الطفلة لولا فؤادها المكسور على ابنها، الذي هجر بيته وابعد عنها حفيدها.


والآن لما بات الحكيم يطالب بتنفيذ حكم قاسي على حفيدها، هي راودتها فكرة مقايضة الحكيم واستبدال بيرل بدوريان ليطولها الحكم ويلوذ دوريان بالفرار.


"أمي! شاهديني وأنا أصوب، أعدك أني سأرفع رأسك في المسابقة" نادت بيرل على والدتها تطلب منها اهتمامها وكلها شغف بالمرأة العجوز التي آوتها، اطعمتها وألبستها كما تطعم وتلبس أولادها. 


فبيرل قد تيمت وأسرتها التي تحمل اسمها على قيد الحياة، على بعد بضع دونمات من منزل ميلينا لكنهم لا يقربونها ولا هم بسآئلين عنها.


أما في المنزل وتحديدا في الغرفة حيث هايدن نائم بعمق والغطاء يغطي رأسه، فتح عينيه فجأة ودفع الغطاء عنه، ليكشف عن ثوب نظيف ليس بثوب نوم. أنزل هايدن قدميه على الأرض دون انتعال حذاءه واسترق النظر عبر النافذة يتأكد من أن جميع ساكني المنزل في الخارج.


تنهد هايدن وهو يتأملهن، ثلاث نساء وحيدات، لا يملكن سوى ولدٍ صغير ليخدمهن ومن بينهن جميعا عضلات بدنه ارتخت حالما وقع بصره على بيرل؛ التي عن طريق الخطأ بات شغوفا بها.


وبنفس الوقت يخشاها أكثر من أي أحد هنا. فهو غير قادر على معرفة ما تفكر به ومصيبته أن خيوط أسراره جميعها في جعبتها.


ابتعد هايدن عن النافذة وتسلل إلى غرفة جوان، دفع بابها بحذر ودون لف أو دوران هو قصد صندوق جهازها عازما على اقتناء مذكرات ماركو واكتشاف ما فيها. لكن الحظ لم يكن حليفه إذ أن الصندوق لم ينفتح وبسبب احتياجه للمفتاح، بحث هايدن في كل ركن وزاوية.


"ما الذي تفعله هنا يا ولد" 


اتسعت عينا هايدن وشعر بالشعر في سائر بدنه ينتصب، ومن شدة رعبه أحس بمسالكه البولية تكاد تنفتح محذرة إياه من الأندلاق وتبليل سرواله. فالصوت هذا لم يكن عائدا لنسوة هذا الدار إنما عائدا لواحدة أخرى هو يجهل هويتها.


"أ.. أنا كنت ابحث عن" التفت هايدن ببطء نية معرفة هويتها فقطب حاجبيه مستنكرا لما لم يرى أي امرأة تقف عند الباب ولم يوجد أحد غير الهرة غريتا جالسة.


"هل قررت الانتفاع بما وجدته لأجلك أخيرا بعد أن تخلصت منه بكل غباء، في المرة السابقة؟" وقفت على قوائمها الأربع وتقدمت لتقفز على سرير جوان.


"صدقني، كم تمنيت لو مزقت وجهك بمخلابي عندما أعدت الكتاب لمكانه، كما لو أننا لم نعاني في استخراجه بعد اكتشافنا أمره" لعقت كف يدها تنظف ما بين مخالبها.


تجرع هايدن جوف حلقه الذي جف من شدة رعبه واستند بيده على المنضدة حيث تضع جوان مشطها ودبابيس شعرها.


"يا ولد ألستُ احادثك! ما بك لا تنطق؟"


تبسم هايدن رغما عنه وظهرت أسنانه لينفجر ضاحكا، ثم ضحكاته تحولت شيئا فشيئا لهلع وبات يضرب رأسه، كي يستجمع شتات نفسه ولا يفقد وعيه. هز رأسه نافيا يرفض الرد عليها فإذا حادثها هو سيلقي عن كاهله العلم الذي اكتسبه في  سنين حياته وكم خشي من فقدان عقله بعد أن يجيبها.


"أذكر أن الطفلة، اخبرتك ألا تحادثنا في وجود احد وليس أن تتدعي عدم سماعنا"


اتسعت عينا هايدن وعلى الفور تلفظ قائلا "انتِ هي الأعين التي تراقبنا؟!"


"ماذا؟" رفعت الهرة رأسها عن أسفلها الذي كانت تلعقه واحدى قامتيها الخلفية ممتد للأعلى كراقصة باليه "بالطبع لا! عار عليك أن تخلط بيني وبين ابن جوان ذو عقل الجرادة!" 


"ابن جوان؟" 

"نعم ابنها، فهو خليفتها وما كانت لتعطي هذا المنصب لتلك الطفلة البائسة بيرل"

"وهل بيرل تعلم بهذا؟"

"بهوية العين التي تراقب؟ بالتأكيد هي تفعل"


اعتصر هايدن قبضتيه بغضب مما اخفته بيرل عنه ثم قال متناسيا كونه يحادث قطة "مذكرات ماركو، احتاجها لأعلم ما يحدث حولي فأنا لم يعد بي طاقة لسؤال أحد"


"يؤسفني قول ذلك لكن هذا الصندوق مقفل بمفتاح لن تعثر عليه هنا، انما ستعثر عليه معلقا في قلادة جوان" باعدت الهرة بين أظافر قدمها السفلية ولعقت ما بينها ثم جعدت أنفها الزهري وهي تعض أظافرها كي تخرج الوساخة منها.


"وكيف عساي احصل عليه؟" سألها هايدن بنفاذ صبر، فنظافتها المفرطة تضيع عليه وقته وما فائدة نظافتها المزعومة، إن كانت مليئة بالشعر.


"عليك أن تخطف المفتاح منها وتفتح الصندوق في وقت يكون المنزل خاليا من أي أحد ويستحسن أن تتأكد من عدم وجود ذهبي، فأحيانا قلبه المحب لبيرل يغلبه فيشي لها بعض أخبار المنزل"


"إذا بيرل لها حيوان تحادثه هنا" زم شفتيه مغتاضا، وهو يتذكر حاله الذليل، يتوسلها أن تكشف الستار عن خفايا هذه القرية، بينما هي بكل كِبرٍ تكتفي ببعض النصائح لا غير وكم كره تكرارها عبارة غادر القرية التي كانت بلا مقدمة وبلا نهاية.


هز هايدن رأسه بحيرة لا يدري كيف سيوفر هذه الشروط، ثم تذكر أمر مسابقة الصيد التي ستقام الليلة، ليدرك أنها ستكون فرصته الأخيرة وإن ضيعها فلن تمضي الأمور من بعدها على خير.


أراد حينها أن يدعي المرض لكن الهرة غريتا حذرته قائلة أن ميلينا ستلازمه ولن تبتعد عنه لذا اضطر لصنع خطة أخرى ولولا غريتا لكانت ستظل ضربا من الجنون حالها من حال أحلام قيلولة العصر.


إذ أنه خرج مع الجميع إلى حديقة دار آل غلور، والتي كانت نقطة بداية انطلاق المتسابقين ومع الرصاصة التي أطلقها السيد غلور ولج ابناء عوائل القرية للغابة باحثين عن صيد يصطادونه وشرط الفوز هو القتل برصاصة واحدة. إذ كان شرطا لم يفهم هايدن ما الغاية منه.


وريثما كبار الأسر والنساء مع ابناءهن يحتسون الشاي ويتناولون مما وضع من طعام على الطاولات، كانت المكائد تحاك في الحضيرة، إذ رفس عجل صغير بحافره بوابة الركن، حيث الثور والده كان محبوسا. رفسة ثم اثنتين وفي الثالثة انزلق اللوح وسقط فاتحا الطريق في وجه الثور.


"أخفهم يا بابا كما تخيفني دوما" شجع العجل والده وقفز على قوائمه الأربعة. أومئ الثور لابنه وحدق بالهرة غريتا، التي كانت جالسة على ظهر حصان ولما أومئت له بنعم تطاير بخار من فتحتي انفه المزينة بقرط ذهبي وخرج راكضا، مصيبا جميع الحاضرين بالرعب. فقرناه كانا قادرين على فلق مؤخرة الشخص والقيام بشق يحل مشكلة بواسيره الداخلية.


شتتهم الثور وأثار خوفهم وهايدن من عنده إدعى كونه بطلا وأنقذ جوان من أمام الثور الذي تقصدها بحجة أنها ترتدي ثوبا فيه من الأحمر الكثير.


"عمتي استعجلي ولا تنظري خلفك! إني آخذك بعيدا عنه!" ركض هايدن يجر مدام جوان خلفه، "دوريان! دوريان أنقذني ولا تتركني لذلك الوحش!" تشبثت به كبطل لها لكنه وبشكل متعمد دفعها لتسقط في الحفرة حيث يكدسون غائط الأبقار، فغطت جوان في القذارة من رأسها حتى اصبعها.


صاحت بقهر تستنجد أن يخرجوها من الحفرة وهايدن من قبح الرائحة تظاهر بالتقيئ كي يعفي نفسه من هذا الدور البطولي "بئسا لك وللمساعدة الملعونة التي قدمتها! انتظرني عندك! أقسم أني سأدسه مع جزمتي في فمك!"صاحت به ثم ترجتهم، فاقتربت والدتها تود اخراجها من الحفرة، لكن قدمها أنزلقت وغطت في الروث مع ابنتها وكل من حاول انقاذهما سقط معهما.


حينها تظاهر الثور بانتهاء حالة غضبه والتي ادعى كونها حكة في ظهره اصابته بالجنون، مثل الخوف من سيده وأطاعه، إذ أنه ضربه معيدا إياه إلى الحضيرة معلنا عن انتهاء الجزء الأول من الخطة.


والجزء الثاني تمثل بتسلل حمامة عبر نافذة غرفة نوم، قد اجلست النساء فيها جوان ووالدتها وقمن بتنظيفهما كي يزيلوا عنهما الأوساخ. دست الحمامة رأسها تحت قطع القماش وحصلت على المفتاح بمنقارها ثم فرت هاربة ومن خلفها سقط ثوب جوان أرضا. 


التفتت المرأة برأسها واستنكرت حال ثوبها الملقي أرضا وأمر النافذة التي لم تكن مفتوحة قبل قليل، همت جوان بالنهوض لكن خرقة القماش القاسية التي نزلت على جسدها والماء الساخن أنساها قلقها بل واسمها كذلك.


رفرفت الحمامة وضربت بجناحيها، مستعجلة للوصول إلى منزل آل باومن وحالما استقرت واقفة أمام النافذة، نقرت عليها ففتحها هايدن ودخلت لتسلمه المفتاح "ه... ه... آههّ هذا هو المفتاح الذي أرادته غريتا" مالت الحمامة برأسها واسندته ضد الحائط ثم جلست منهكة وباعدت بين ساقيها.


"شكرا لك أيتها الحمامة" قال هايدن فاستوقفته الحمامة محمحمة بضيق.


"ما هذه الإهانة أيها الميسيو، أنا سيد وأدعى أندرين" تلفظت الحمامة بلكنة فرنسية ركيكة.


"المعذرة، فلا أعرف الفرق بين أنثى الحمام وذكرها"


زم هايدن شفتيه بحرج وغريتا من عندها صاحت بهايدن تستعجله كي يفتح الصندوق، ففتحه وبحث بين الثياب عن المذكرة. بعثر هايدن الثياب وألقى بها جميعا والغضب الذي بدى عليه أقلق غريتا "ماذا هناك؟"


"إنها ليست هنا! المذكرة ليست هنا! لقد غيرت مكانها تلك الملعونة! آخِ منها متى تموت وافتك من بطشها! اقسم أني سأجعل من تربة قبرها مكانا لتغوط الكلاب!"


"هاي! انتبه لألفاظك، صغاري هنا واقفون!" زجرته غريتا فهريراتها الصغيرة إلى جوارها ماكثون.


صاح هايدن مزمجرا بقهر من النحس الذي لا ينفك عن ملاحقته ونزع القلادة الغبية التي تحتفظ بها بيرل وألقاها غير مباليا، لكنها وعن طريق الصدفة تدحرجت لأسفل السرير.


"الجحيم الدموي! انزل وأحضر القلادة حالا أيها الغبي! هل تريد لجوان ان تعثر عليها!" وبخته غريتا.


"انتبهي لألفاظك فهريراتك هنا" عايرها هايدن بما قالت سابقا ونزل على ركبيته مجبرا ليحضر القلادة، فإذا به يجد تحت السرير لفافة من قماش ثوب، مد يده نية فحصه وحالما فطن أمره كشف عن المذكرة المخفية فيها.


"أخيرا!" هتف هايدن من فرحته وعلى الفور حل عقدة الحبل وفتح الغلاف ليكشف عن حزمة الأوراق، التقط المشرط وفصل الأوراق عن الغلاف ليضع مكانها أوراقا تنتمي لكتاب الأعشاب خاصته فمدام جوان لا تجيد القراءة ولن تعرف الفرق. أليس كذلك؟


كانت الفرحة تعلو الجميع وهم هايدن بقراءة محتواه تحت اصرار من الجميع،  لكن صوت باب المنزل يفتح قد اصابهم بالذعر، ففر هايدن هاربا من غرفة جوان. ولج لغرفته وتلفت حوله بحيرة لا يدري ما يفعل وحالما رأى الطشت الخشبي قد تبقى به من مياه استحمام هذا الصباح نزع قميصه وتخلص من بنطاله ليجلس فيه.


أما غريتا فقد استلقت ونظفت ظهرها فأي شيء طبيعي من الممكن أن تفعله أكثر من هذا؟ والطيور قد غادروا واستقروا على الأغصان يغردون بنشاط، متناسين أمر الليل الذي حل منذ زمن.


"جوان بنيتي هل سمعتي الصوت في الأعلى؟ وما بها الطيور تغرد في هذا الوقت من الليل؟"

"سأذهب لأرى"


تسلقت جوان السلالم وبدنها يكسوه ثياب جديدة، لكن رائحة الغائط لازالت عالقة في جلدها وشعر أنفها، فمع كل زفير هي تأخذه كانت الرائحة تنخر لفائف دماغها. تفقدت غرفتها ثم مرت على غرفة هايدن وأدارت مقبض الباب، لتكشف عنه فوجدته عاريا في الطشت يغتسل.


"بئسا! ألا حياء لكِ يا مدام كيف تدخلين هكذا دون استئذان!" صاح بها وبيديه غطى صدره كما لو أنه امرأة تستحي.


حاول هايدن التصرف بطبيعية كغريتا وباقي الحمامات لكنهم غفلوا عن حقيقة جعلهم للأمور تبدوا مريبة اكثر. فمنذ متى الطيور تغرد في الليل ومنذ متى كان هايدن موافقا على دخول الحيوانات لغرفته بل والجلوس على سريره.


"أغلق فمك ولا تصبني بالصداع! إياك وأن اسمع صوتك فأنا غاضبة ولي القدرة على نتف شعر مؤخرتك الآن!" زجرته وغادرت لغرفتها كي تنام منهية ليلتها العصيبة، لكنها لما استلقت على سريرها واغمضت عينيها عاودت فتحها فجأة لشعورها بشيء ناقص.


تحسست جوان عنقها ولما فطنت أن قلادتها مختفية ليست في مكانها، نهضت على الفور وعادت إلى أرض غلور راكضة خشية أن يعثر عليه أحد قبلها.


فزعت مدام ميلينا على حال ابنتها ونادت على حفيدها فإرتدى هايدن ثيابه ونزل السلالم إليها بينما يجفف شعره "نعم مدام؟"


"بني اذهب وإلحق بخالتك، فإني أخشى أن يصيبها مكروه وساعدها بما تحتاجه"


"حسنا" زم هايدن شفتيه ثم قطب حاجبيه لشعوره بفرد ناقص "أين بيرل؟ ألم تنتهي المسابقة؟"


"لقد انتهت قبل قليل"

"لما لم تأتي معكما؟"

"دوريان، بيرل فتاة بالغة تكاد تكون بحجم البغل وهي تعرف كيف تدبر أمرها، لذا دعكَ منها وإلحق بخالتك!"


"هل حدث بينكما شيء؟ إنها المرة الأولى التي تتحدثين عن بيرل بهذه الطريقة"


تنهدت مدام ميلينا بنفاذ صبر وصاحت به "دوريان اخبرتك أن تذهب لتعين خالتك، فهي أولى من بيرل وانت أيضا بالنسبة لي أولى منها" التفتت ميلينا برأسها فوجدته واقفا يحملق بها، فقالت وهذه المرة هناك لين تخلل صوتها "الحق بخالتك، فهي من لحمك ودمك"


لم يفهم هايدن حال هذه الجدة التي تبدوا كمن تخلت عن طفلتها والتقط معطفا ليضعه على كتفيه خشية التقاط نزلة برد بعد استحمامه، خطف معه مصباحا زيتيا لينير له عتمة طرقات القرية ليلا.


رفع هايدن بصره للأعلى، حيث لا قمر ينير الظلمة ومن كلا جانبيه كانت الحشائش الطويلة  تتمايل مع الريح، لكن الهدوء لم يكن موجودا في أرض آل غلور فالقرويون مجتمعون منهم من يحكي عن معاناتهم في الصيد ومنهم من انشغل مع جوان في البحث عن القلادة. قطب هايدن لشعوره بوجود شيء ما ناقص في هذه اللوحة المتكاملة وتلفت حوله عسى ولعل أن يفطن ما هو الشيء المفقود.


"انتظروا، أين هي بيرل؟" سأل روميو نيكو حالما خرج من الغابة يجر معه أرنبا صاده، ونيكو الذي كان يتناول من الطعام على المائدة قطب حاجبيه مستنكرا "لا أردي، ألم تخرج من الغابة؟"


هز بِن رأسه نافيا "لا أذكر رؤيتها"


"ماذا؟!" اهتز قلب روميو فزعا على حب طفولته والتفت خلفه نية العودة للغابة كي يجدها، فاستوقفته زوجته تزجره "إلى أين تظن نفسك ذاهبا!" 


"ما بكِ يا امرأة، الفتاة لم تخرج بعد وأخشى إن كان اصابها مكروه!"

"وهل وقع عليك واجب الخوف عليها! لديها عائلة وهم أولى بها منا!" 


تجادل الاثنان، أحدهما يحاول الفرار والآخر متشبث يمنعه وهايدن قد غادرهم وولج للغابة مع مصباحه بحثا عن بيرل هلعا من حقيقة أنه لم يتذكرها.


فلا يوجد أحد من أهالي القرية لاحظ غيابها وما نهش صدره أنه كان من الذين نسوا أمرها إلا روميو، لم يغفل لسانه وذهنه عن ذكر اسمها.


"بيرل!" نادى عليها وصوته ما كان ليصل إليها، فهي كانت بعيدة عن الجميع في مهمة بحث عن صيد، سيفرح أسرتها ويجعلهم يذكرون اسمها وانجازها لعشر سنوات قادمة. فهي قد علمت بانتهاء الوقت، لكنها ما كانت قادرة على العودة خاوية اليدين.


توقفت بيرل ورفعت مصباحها، كي ترى الطريق أمامها ونادت على ذهبي كي لا يتخلف عنها دون أن تفطن أمر فوهة البندقية، ذات اللون الذهبي التي شقت طريقها بين الشجيرات ووجهت نحوها. وقد كان محفورا على معدنها اسم -بدران-


"ذهبي؟ ذهبي هيا تعال ولا تبتعد عني فأقلق عليك!"


توقفت بيرل والقشعريرة انتشرت في سائر بدنها لما سمعت غصنا يابسا ينكسر وقبل أن تتمكن من الالتفات خلفها فلقت الرصاصة الريح وانطلقت نحو تلك الشابهة مستهدفة قلبها الذي ينبض داخل صدرها.


تجمد هايدن في مكانه لما سمع صوت طلق ناري تبعه صياح هو يعرف صاحبته.







عن الكاتب

إليناز كاتبة سابقة في تطبيق الواتباد و لي من الاعمال الكثير اشهرها الجميلة و الوحش في الشقة المجاورة, القرية خلف سكة الحديد و روميو و الوحوش في السرداب كذلك قصص سابقة مثل الغراب و الرداء الاحمر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

illynaz