illynaz illynaz
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة

  1. الأحداث من الفصل الاول تحمس✨🤍

    ردحذف

لا تخبروا زوجتي؛ الفصل الأول





 توقف صوت المحرك، تزامنا مع توقف عجلات سيارة سوداء، من طراز باكارد، في بهو حديقة شاسعة الامتداد، إذا اطفئت مصابيحها الساطعة ونزل أربعة رجال من أبوابها الأربعة، وضعوا على رؤوسهم قبعات موحدة اللون والشكل وبخطوات متناسقة، استقروا واقفين أمام صندوق السيارة، الذي خبأ في داخله صندوق كبير، كثير الحركة... 

 

سحب كبيرهم الصندوق لخارج السيارة، ثم اجتمع اصحاب البدل الثلاثة عليه لرفعه واستقروا واقفين به أمام باب المنزل، في انتظار أن يفتح لهم وخلفهم نافورة تحمل تمثالا لامرأة، حولها سبع جرات يندلق منها الماء، إذ صنعت ضجت اخفت فيها صوت صراصير الحقل وكلاب الحراسة التي تنبح من بعيد. 

 

جعد أحدهم أنفه من شدة البرد، ثم فجأة عطس دون سابق انذار وقال بينما البخار يتصاعد من فمه "المعذرة" عاود الوقوف باستقرار ومن خلف الباب، اقترب كعب يطرق على السجاد. 

 

لم يدم انتظارهم طويلا، إذ ادار مقبض الباب سيدة وطأت قدمها الخمسين، وبلهجة قاسية أذنت لهم بالدخول، بالطبع هي فعلت بعد أن اخذت نظرة خاطفة، لمن خلفهم من الحراس أمام البوابة.  


ولج هؤلاء الأربعة مع الصندوق ودون التلفظ بكلمة واحدة، هم قطعوا الردهة ونزلوا السلالم قاصدين السرداب، حيث يتم فيها تخزين مؤن الطعام والشراب "هنا" قال كبير هذه العصبة، وربت على الصندوق كي ينزلوه بروية ولم يكن هنالك ما يضيء السرداب، سوى مصباح واحد عتيق، لا يكف عن الرمش. 

 

نزع صاحب القفازات، المفتاح من سلسلة علقها في عنقه، كي يضمن عدم ضياعه وأداره في القفل، فخرج صوت -تليك- وانفتحت الأقفال من ذاتها لتفتح الجزء اليسير من الصندوق.  

 

لم تقتصر مهمة صاحب القفازات على فك القفل فحسب، بل وقام بفتح الصندوق ليكشف عما يوجد بداخله؛ ألا وهي امرأة بالغة ستطأ قدمها الثلاثين بعد ستة أعوام. انتفض بدنها حالما وقع بصرها عليهم ولم تكافح للخروج أبدا، إنما فضلت البقاء والتكور حول بدنها الذي يكاد يتعفن من البقاء حبيسا في هذا الصندوق. 

 

كم كانت مذعورة وهذا لم يكن بالشيء العجيب، فمن يقفون أمامها لم يكونوا بالودودين أبدا والرب وحده يعلم ما قد يقدمون على فعله.... 

 

ولج رجل خامس، يرتدي ثيابا مماثلة لثيابهم لكن دون السترة وعلى الفور، خشية أن يضيعهم همس في أذن صاحب القفاز، يبلغه بالقرار الذي أتى من الأعلى، فأومئ الآخر ثم اتجه ببصره نحوها والود لم يجد طريقا إلى صوته "هل تعرفين كيف تضمدين جرحا؟" 

 

سؤاله أذهلها وبنفس الوقت اثار الريبة في نفسها، لكنها أومئت دون تفكير مفرط ولأنها أقرت بمعرفتها، تم اخراجها وجرها بقسوة، لتسير مهرولة خلف الأصهب في أروقة المنزل، ذات الجدران التي غلفت بورق اصفر مزين بنقوش برتقالية، وفي مواضع كثيرة منه علقت لوحات فنية وثبتت مزهريات وتماثيل، جعلتها تظن أنها في رحلة سياحية لمتحف، لا أسيرة تساق كالماشية نحو الجزار. 

 

ترجت بعينيها من لمحته من الخدم أن يعينها، فهم كانوا يمرون من جوارها دون ابداء ذرة تعجب، كما لو انهم معتادون، وما جعلها تصاب بالهلع، كونها الوحيدة التي ليست معتادة على هكذا مواقف، فها هي بثوب منزلي تسير خلفهم وسترة صوف خضراء تغطي ذراعيها. 


والدليل القاطع الذي يثبت قدومها إليهم دون رضاها؛ هو مئزر المطبخ، الملوث ببقعة طعام لازال معقودا حول خصرها، وفي قدم هي كانت تنتعل خفا على غرار الأخرى، التي كانت حافية يكسوها جورب داكن. 

 

صعدت الدرجات نحو الطابق الثالث وفي مواضع عدة هي تعثرت، لا تكاد تلحق بخطوات ذاك المستعجل، لكن معاناتها انتهت، حالما أدخلها لغرفة يسودها الصمت. إذ كانت تتوسطها أريكة فخمة، ذات قماش بني، يحيط بها مجموعة من الرجال، قد انفضوا من حولها كاشفين عن كبيرهم، الذي تخلل الشيب شعره وفاضت بطنه، فغطت على حزامه الذي احكم على بنطاله. 

 

لكن هذا الشيب لم يضف له أي نوع من الحذر وكم كان ذلك واضحا على ضماده الملطخ بالدم.. 

 

"اقتربِ" 

 

صوته وهيبته دفعتها للمضي نحوه وان كانت ترتجف، فاقتربت منه بخطى متقاربة ونادى عليها أن تستعجل. 

 

 كشف لها عن صدره وبطنه، لترى الضمادات في حالة سيئة، منها التي انفكت ومنها التي فاض الدم منها، فسألها "هل تجيدين تغير الضمادات؟" 

 

أومئت برأسها دون التلفظ بحرف، فأذن لها أن تباشر بعملها وأشار لأحد رجاله أن يفكوا قيدها، فركت معصميها اللذان تحررا وقد بدت قسوة الرباط على جلدها الهش.


بللت جوف حلقها الذي جف وبينما هي تلفظ أنفاس حريتها، وجدت عربة الشاي تدفع إليها، لكن لم يكن فيها فناجين شاي إنما وعاء فيه معقم والكثير من الضمادات والأدوية. 

 

لذا هي باشرت بنزع ما عليه من ضمادات طبية، لتكشف عن جروحه التي فاضت بالقيح وجعدت انفها من فظاعة الرائحة، لكنها داومت على ما أمرت به تحت أنظار هؤلاء الرجال مخيفي الهيئة ليأتيها سؤال من المسن الذي تداويه. 

 

"ما اسمكِ؟" 

"م.. ميرا بيلا" خرج صوتها مهزوزا. 

"كيف لا يكون لهذا الوجه المليح اسم جميل كهذا" مدح حُسن وجها ثم سأل مجددا "ممرضة انتِ؟" 

"لا"


اكتفت بقول القليل فهي لم تكن متشوقة لتبادل أطراف الحديث مع رجل مخيف الهيئة مثله. أما العجوز فقد تبسم وامتدت اصابعه ليلمس بها خصلة، قد انزلقت من خلف أذنها، فتوجست منه خيفة وابتعدت عن مرمى يده.


تصرفها العدائي، لم يمنعه من أمعان النظر بها وامتاع عينيه بما تملك من حُسن، فهي لها وجه مليح وشعر بلون القمح وقت الحصاد. لكن عيبها هو وهن بدنها، إذ كانت نحيلة للدرجة التي امكنت الريح العاصف من أخذها معه. 

 

"ما الذي أوصلك لمثل هذا المكان؟" 

 

رفعت ميرا بيلا عينيها فلاقت خاصته لأول مرة، انفاسها اختضت، ليس بسبب الخوف إنما بسبب تذكرها ما جرى لها، وكل هذا بدأ في ليلة من ليالي تموز لم يخيل لها أن تمطر بتلك الغزارة... 


صورة الغلاف؛












عن الكاتب

إليناز كاتبة سابقة في تطبيق الواتباد و لي من الاعمال الكثير اشهرها الجميلة و الوحش في الشقة المجاورة, القرية خلف سكة الحديد و روميو و الوحوش في السرداب كذلك قصص سابقة مثل الغراب و الرداء الاحمر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

illynaz