illynaz illynaz
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة

القرية خلف سكة الحديد الفصل الخامس عشر

 



دس هايدن في حقيبته الجلدية جميع أموال دوريان مستعجلا لا يفكر سوى بالهرب فهذا الاستنتاج توصل إليه بعد تفكير دام ثلاث أيام بعد تلك الحادثة، فبعد رحيل هايدن تأخر الحكيم بالمجيء وحالما كاد أن يقدم بركاته قرر مايكل تنفيذ خطة ابن المدينة واخافة الجميع مدعيا أن شيطانا تلبسه. 


بالطبع تلك الخطة لم تمر على خير فالشمس غربت والجميع فر هاربا لما اهتزت الأرض تحت اقدامهم معلنة قدوم الوحوش، الأهالي فرو بجلودهم لكن الزوار لم يحالفهم الحظ وباتو وليمة عشاء اشبعت وحوش القرية...


أما هايدن وعن كيف نجى فبعد أن اختبأ الجميع بحثت بيرل عنه في أرجاء المنزل ولما لم تعثر عليه هي عزمت على الخروج وإيجاده، أي أجل حدث الكثير من الدراما حينها فروميو منعها خوفا عليها وزوجته أمارا اقسمت أنها ستطلقه إذا تمسك ببيرل.


روميو اختار بيرل حينها لكن بيرل تركته وخرجت تبحث عن هايدن حتى وجدته في الحضيرة ومن بعدها لم يكن بوسعهم فعل شيء سوى انتظار الصباح وفي تلك الليلة شتم روميو نفسه فلقد نهض من جانب زوجته وبحث عن بيرل في وقت الفجر كي يحادثها لكنه وجد رأسها ملقيا على كتف أخيها دوريان تغط بنوم عميق ودوريان كان حاله من حالها رأسه ملقي على رأسها خلال جلوسهما على الأريكة.


وما جعله يشتاط غضبا هي أصابعها المتشبثة بذراعه ويد هايدن متشبثة بها، كلما كاد أن يرتخي ويفقدها انتفض في نومه واحكم عليها اشد من قبل...


"حالما سأخرج من هنا أنا سأقصد جدتي من بعدها سأفر لألمانيا ومن هناك سأقطن في بلاد النمسا والمجر فلقد سمعت من الطبيب ستينر أنها ملائمة للعيش لا تؤذي الجيب" حادث هايدن نفسه فمن بعد رؤيته لجثة تلك العائلة ممزقة لأشلاء أيقن أن أمر تلك الوحوش ليس بمزحة فالمصيبة أن هناك وحشا آخر رأسه جمجمة كبش كبير القرنين.


لكن خطة هايدن فشلت فهو لا يذكر من طريق العودة شيئا ولا يمكنه المخاطرة بحياته...


تذمر بقهر وألقى رأسه على الفراش يندب حظه لكن الدق على الباب اوقفه فسأل "من؟"


"انها انا" جاءه صوت بيرل فتنهد وسمح لها بالدخول، ولجت الشابة وتعجبت من حال غرفته الفوضوية وثيابه ملقية هي وكتبه في كل مكان. امتنعت بيرل عن سؤاله وقالت 


"مايكل قد أتى" 

"آه تعبت من هذا العقاب! متى سينتهي!"

"لقد اخبرته أنك محجوز لدار آل غلور"

"من هؤلاء الحمقى!"

"إنها اسرتي..." 


تمنى هايدن لو عض على لسانه قبل تلفظه بهذا وتنهد يدلك جبينه "لم اقصد.. ما الذي يريده آل غلور مني؟" 


"سنذهب لنأخذ حصتنا من الحليب فحسب ثم نجلب علفا للغنم ونهتم بأمرهم" 

"فقط هذا؟" 

"أجل" اومئت بيرل. 

"حسنا إذا، سأستحم أولا وأغير ثيابي"

"أليس من المفترض أن تستحم بعد العمل؟" 

"أنا استحم لأحسن مزاجي فهل فهمتي" 


مزاجه كان عكرا لذا التزمت بيرل الصمت وأغلقت الباب خلفها، نهض هايدن وقام بتجهيز حمامه وريثما هو جالس في الطشت يستحم راودته فكرة وهو الذهاب برفقة بيرل للرعي وقبل أن يحل المساء هو سيفر هاربا ومن هناك سيبحث عن عربة توصله للبلدة عند سكة الحديد. تبسم برضى وخرج لها مستعدا كما لو أنه قبل قليل لم يكن يشتم اليوم الذي ولد فيه. 


خرج الاثنان قاصدين أرض عائلة غلور وأرضهم كانت أوفر وأوسع من أراض آل آرنر فلقد امتهنت أسرة بيرل تربية الأبقار ولهم قطيع كبير يرعى في أراضي القرية كل صباح. 


دفعت بيرل باب السور وقصدت الحضيرة الكبيرة حيث كانت شقيقاتها وبناتهن تقمن بحلب الأبقار، ألقت عليهن التحية واستقبالهن لها لم يكن حارا كما كان يستقبلها آل بوسارد وآل آرنر. 


سارت بيرل في الحضيرة بحثا عن بقرتها التي سمتها دولي وعجلها كان عند ضرعها يرضع الحليب، ابتهجت بيرل لما رأت دولي وداعبتها كما لو أنها حيوان أليف، بادلتها دولي المودة ولاطفت مالكتها إذ لعقت يدها ويا ليت بيرل توقفت هنا فلقد داعبت عجل دولي والذي من المفترض أن يكون صغيرا لكنه كان كبيرا بالنسبة لهايدن.


جلست بيرل قرب دولي وبعد أن مسحت على ضرعها حلبتها تملئ دلاء تكفي عائلة أمها الروحية. أما هايدن فبقي واقفا كالأبجورة وكلما كاد أن يقترب منه ذهبي هو ابتعد عنه يهشه دون علم بيرل كي لا توبخه.


انصت إلى أحاديثهن جميعهن كن يثرثرن دون إشراك بيرل معهن كما لو أنهن جميعا ضدها، كان الجو غريبا بالنسبة لهايدن وتمكن أخيرا من تنفس الصعداء لما خرجا ودلاء الحليب كانت بحوزته أما بيرل فلقد حملت على ظهرها ثلاث شوالات كبيرة من العلف.


"هل تحتاجين مساعدة"

"أنا على ما يرام" 


راقبها في سيرها وقد كانت تسير منحنية الظهر بسبب العلف لكن رغم ثقله إلا أنها سبقته في الخطى ولم يكن بوسعه مجاراتها. 


في طريقهما كان هناك ثلاثة صبية يلعبون ورابعتهم كانت طفلة بالكاد تنطق كلمة بابا وماما، كانت تلحق بهم تود اللعب معهم إلا أنهم كانوا يتجاهلونها لذا وكتصرف طبيعي للتخلص منها امسك أحد الصبية صرصار حقل وألقاه على رأسها. فزعت الصغيرة وانهالت بالكباء تحاول التخلص منه وبيرل سارعت بالخطى نحوها تلقيه من عليها قبل أن يتسلل لثيابها.


"جوليان! ما هذا التصرف الحقير مع اختك!"

"جوليان انظر ان عمتك غاضبة"

"لا تبالي بها ستصرخ وستسكت من تلقاء نفسها" 


تمنى هايدن حينها لو كان الصبي يقصد اخته إلا أنه ومع الأسف كان يقصد عمته التي هي بيرل، اشتاطت بيرل غضبا على ابن أخيها وسمحت لنفسها بضربه كي تؤدبه لكن الصبي اشتكى لوالده نيليو ونيليو كان بالمرصاد لشقيقته، فقد صرخ بها وكادت يده أن تطول شعرها لكن هايدن تدخل كي يمنعه وهددها أنه إذ رآها تحوم حول أبنائه فيسكسر رأسها.


كانت تجربة هايدن مع عائلة بيرل سيئة فلقد رأى أن صغيرهم وكبيرهم لا يحترم وجودها وكثير منهم لا يعيرها اهتماما كما لو أنها غير مرئية لعيونهم. لم يفطن هايدن السبب لكنه أيقن أن الخزي قد تملك بيرل لذا هو لم ينطق بحرف وعادا أدراجهما للمنزل. هناك، سلمت بيرل الحليب لجوان التي سخرت من قلة كميته وأهانت بيرل كعادتها.


"نحن ربينا ابنتهم، اطعمناها والبسناها والبخلاء كل ما يعطوه لنا هو دلوي حليب وثلاث شوالات من العلف. بئس الابنة انت وبئس العائلة هم"

بالطبع هذا كله كانت جوان تقوله من خلف ظهر والدتها ميلينا فإن سمعتها تنطق بذلك لقطعت لسانها فبيرل هي كل شيء ثمين بالنسبة لميلينا وهي جوهر حياتها إن صح القول لكن كلما كانت بيرل مقربة لقلب والدتها اشتد بطش جوان عليها.


رافق هايدن بيرل التي ذهبت للحضيرة وفرشت للغنم العلف أولا ثم اتجهت للبوابة وقامت بفتحها لتتهافت الخراف على العلف يأكلون منه ولما أخذوا حاجتهم فتحت بيرل بوابة المزرعة تأذن لهم بالخروج. بالطبع كل هذه النشاطات حصلت وهايدن يراقب من بعيد..


"بيرل! دوريان! هيا تعاليا فالافطار جاهز!"


ارتفع حاجبا هايدن متعجبا فكل هذا العمل قام به وموعد الإفطار حان للتو...


افترق الاثنان بعد الافطار، هايدن عاد لينزوي في غرفته ينعم بنوم مؤجلا فكرة الهرب بعد ان انهك وبيرل نزلت لحديقتها تعمل فيها مع والدتها ميلينا وذهبي كان يشاهدهما والهريرات الصغيرة تلعب حول ذيله الذي يحركه للأعلى وللأسفل.


كل شيء كان هادئا كأن اليوم هو يوم من أيام النعيم إلا أن كل الرخاء اندثر لما هزت ميلينا بدن حفيدها النائم توقظه مستعجلة "دوريان! يا دوريان، دوريان بني انهض هيا!"


"م... ماذا هناك يا مدام؟"

"دوريان، قم وابحث عن اختك فلقد تأخرت!"

"مم؟"


ارتفع هايدن على مرفقه يفرك عينيه لا يقدر على استيعاب ما تقوله الجدة وحالما أمعن النظر بالنافذة تعجب من الأمطار الغزيرة والرياح العاتية المرافقة له فقد كانت ستائر غرفته لا تكف عن الرفرفة "هل نمت كل هذا الوقت!"


"دوريان كف عن الكسل، أقول لك أن اختك لم تعد للمنزل بعد!"

"لا بد أنها ذهبت لصديقاتها"

"بيرل لا تتأخر حتى هذه الساعة"!

"لربما قامت بالمبيت لديهم؟"

"دوريان!"


افاق هايدن على صياحها به وتذمر من المهام التي توكل إليه "هذا ما كان ينقصني، أقوم برعاية الصغار" نهض وقام بفتح خزانته ليرتدي قميصه وميلينا تقف خلفه والقلق كان ينهشها من الداخل "يا ليتني خمنتُ قدوم المطر لما كانت الريح عاتية هذا الصباح" ندبت ميلينا حظها تعاب نفسها.


"هي ذهبت لجمع القطيع، إليوت قال أنها اعادتهم للحضيرة ثم ركضت مسرعة تقول أن هناك نعجة قد نستها لكنها لم تعد إلى الآن"


"مدام ميلينا كفي عن اخافة نفسك، ابنتك تلك تمارس هذه المهنة منذ وقت طويل ولن يصيبها مكروه، ستظهر في وجهنا حالما افتح باب المنزل"


اخبرها هايدن لكن ثقته بكلامه تداعت لما فتح باب المنزل ولا أثر لبيرل، كل ما رآه كان جوا عاصفا شديد المطر. ألبسته مدام ميلينا معطفا مطريا أسود اللون وأول ما فعله هايدن سأل إليوت عن الطريق الذي ذهبت إليه واتباعا لاصبعه الذي أشار به نحو الشمال هو سار وفي جعبته حقيبته الجلدية فلربما يجد طريق الخروج ويتركهم جميعا.


"بيرل؟!" نادى هايدن وسار في طرقات القرية يبحث عنها وعند كل قروي كان يفر هربا من العاصفة استوقفه كي يسأله إن رأى بيرل، منهم أجاب بالنفي ومنهم من دله على الطريق إلى أن وصل لأرض عائلة آرنر. هناك  سأل جورجينا وبقية البنات اللواتي كن يجمعن الغسيل بسرعة إن كانت احداهن رأت بيرل وهي تمر، هزت جورجينا وأمارا رؤوسهن بالنفي وروميو من عنده انتابه القلق وكاد أن يخرج للمساعدة لكن زوجته امسكت بذراعه واستحلفته بأنه إذ خاطر بحياته لأجل تلك المرأة هي ستنفصل عنه.


لم يبالي روميو في المرة الأولى ولما رأته أمارا ذاهبا هي صاحت تحت المطر وكلا يديها مستقرة على بطنها "روميو لأجل ابننا لا تذهب!" صُدمت الفتيات من بينهن جورجينا فأمارا لم تخبر أحدا عن حملها ذاك وروميو وقف مكتوف اليدين لا يدري ما يفعل هل يلحق بهايدن الذي ابتعد عن أرضهم أم يبقا بجوار زوجته الحامل.


دموع أمارا لم تكن واضحة من المطر وتمسكت بثيابه المبللة تترجاه أن يكف عن اللحاق بتلك المرأة وينظر إليها عوضا عنها، فهي قد بذلت مجهودا كبيرا للتفريق بينهما منذ أن كانا صغارا ولما كبرا قليلا هي صنعت بينهما الكثير من الخلافات مفسدة صداقتهما حتى قالت بيرل بعظمة لسانها أنها تكره روميو، حينها هي قامت بلف خيوطها على روميو ذلك العاشق المحب للألم واجبرته على الزواج منها بعد كثير من الوسوسة في أذنه. لكنه وبشكل هي لا تفهمه لازال يحلم بتلك وليس بها...


بعيدا عن دراما عائلة آرنر مر هايدن على مقربة من أرض آل بوسارد وهناك سأل ابنهم الذي كان يبحث عن هرته كي يأخذها للداخل، سأله عن بيرل فأشار له الصبي نحو الغابة.


"تبا لك يا بيرل على هذه المصيبة"


شتمها تحت أنفاسه ودخل الغابة ينادي باسمها، بدا الأمر غير مجديا وانتحاريا بنظره فهو يسير في طريق لا يعلم عنه شيئا ولا يجيد سوى النداء لذا قرر العودة كي ينقذ نفسه فساعات الليل اقتربت وحياته ليست بالرخيصة كي يضحي بها لكن صيحة عالية صدحت جاعلة من الطيور تغادر أعشاشها.


جفت الدماء في عروق هايدن وظهر جانبه الجبان، هو كاد أن يفر هاربا لكن الأنين كان شديدا لذا عاود النداء "بيرل! بيرل هل هذه انت؟!"


لم يصله رد لذا ركض بالاتجاه الذي ظنه صحيحا وصاح ينادي "بيرل!"


"بيرل أين انتِ!"

"هنا..."


فزع هايدن لما اتاه صوتها من الأسفل، اقترب من نهاية المنحدر فإذا به يجدها ملقية والدماء أغرقتها، شعر هايدن بارتجاف اطرافه وتلفت حوله حائرا فالليل اقترب وإذا نزل للأسفل وقرر مساعدتها فستأكلهما الوحوش حينها لذا هو رأى أن التضحية بها فحسب والفرار بجلده لقرار حكيم.


حدق بها وعيناها كانت معلقة عليه تترجاه أن يعينها لكن هايدن اختفى من مرمى بصرها مبتعدا عن حافة المنحدر وقد قرر الفرار كي ينقذ نفسه.





عن الكاتب

إليناز كاتبة سابقة في تطبيق الواتباد و لي من الاعمال الكثير اشهرها الجميلة و الوحش في الشقة المجاورة, القرية خلف سكة الحديد و روميو و الوحوش في السرداب كذلك قصص سابقة مثل الغراب و الرداء الاحمر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

illynaz