"يا عمي دوريان، يا عمي دوريان، أسرعْ بفركِ قدمكَ فوق العشب وأنزلهم من عليك قبل أن يسكنوا الجرح وتموت!" صاح إليوت بهايدن يجاريه بالخطوات فذاك طويل القامة كل خطوتين منه تعادل ثلاثة من خطوات إليوت، جز هايدن على أسنانهُ يلقي نظرة على الشقّ الذي سلك طريقهُ في راحة يده.
إذ كان هناك نُتوء في السّور عندما جرّوه بهمجية وانتهت لعبتهم الصّغيرة بتأذي هايدن، حينها لما علموا أن لعبتهم تجاوزت الحد أرادوا مساعدته لكنهُ رفض بشدّة أي جميلٍ لا داعٍ منه، فمساعدتهم ستدخلُ أقبحَ أنواعِ الضّرر في هذه الجرحِ المفتوح.
سبقهُ إليوت بفتحِ بوابة السّور واتجها نحو المدخل حيث تقفُ سيدة شقراء الشّعر مكتنزة البدن ذات وجهٍ أحمر، وجهٌ لن ينساهُ هايدن.
"سي..." لم يكد يُكمِل إليوت تحيّتهُ إلا وسكبت دلو الماء عليهما تُغسلّهما من كل روحٍ خبيثة أو نحس التصق بثيابهم، خبّأ هايدن يدهُ الجريحة داخل سترتهِ يحميها من جنونهم "أنزلوا من عليهم!" نثرت الطّحين عليهم كي تتقفى أثر أي ضيف غير مرغوب قد يدخلُ معهما.
"أحسنتِ والآن ينقصكِ إدخالنا إلى الفرن كي تصنعي منا خبزًا" قال هايدن بضيقٌ منها وممّا فعلت وهمَّ بالدخول لكنها أوقفتهُ بكل صرامة "قل الكلمات قبل دخولك، لم نُتعب أنفسنا بمداواة البيت من النّحسِ ثم تأتي أنت وتدخلهم!"
نثرت على العتبة طحين كي يقولا الكلمات ثم يدخلوا، زفرَ هايدن بنفاذِ صبرٍ فهو لا يذكرُ منها شيئاً واكتفى بإعادة ما قالهُ إليوت. ولج هايدن إلى المنزل ويا ليتهُ لم يفكر بالمجيء إلى هنا أصلا، فلقد وجد ثلاثُ سيدات، ضفائرهن نهايتها معقودة ببعضها البعض، يمسكن الأيادي، ثيابٌ بيضاء ولا شيء سوى الثياب البيضاء يرتدين ويقمن بالقفز منتصفَ غرفة الجلوس ويقلن كلمات لم يسمعها من غيرهن "آييغا، آرو، غوم، غوروم!"
"آييغا، آرو، غوم، غوروم!" كررنها عدّة مرات وكل مرة أعلى من سابقتها، يقفزن على ملاءة بيضاء ملأنها بأوراقِ الشّجر، وبعضٌ من الحشائش وريشُ الدجاجات المفقودة.
لكن ما أفقدهُ النطقَ هي العمة جوان، التي ترشُّ الأرض بماءِ فيه ريشُ الدجاجات المفقودة وعلى غير عادتها، ضفيرتان قامت بصنعهما خصيصًا لجلسة تعقيم البيت وطردِ كل ما قد يمسهُ بسوء.
""آييغا، آرو، غوم، غوروم!" كررت مع السيدات وعندما قابلت هايدن وابنها نثرت عليهما من الماء وأعارت كل واحدِ منهما غصنًا من الشّجرة التي تنموا عندَ البيت الحكيم لتحميهما من كل سوء.
تعجب هايدن ممَّ يفعلنه وقال "لا بد أن هذا مستوى جديد، من المستحيل أن أرى أسوء من هذا" فلم يصدّق أن جدتهُ تقفزُ مع الجدات هناك تكرر تلك الكلمات.
صاح بهم يريدُ إيقافهم "يا سيدات ستنكسر الأرضية بكن!" لكن لا أحد استمع إلى صوتهِ المضلل الذي يريدُ إيقافهم عما يفعلوه من مهمة سامية.
"أغلق فمك وأخرج فنحن ننظفُ المنزل الآن!" طردته جوان لكن أصر على أخذ حقيبة العدة وبالفعل أخذها ثم فر هاربا قبل أن يصيبه جنونهم بالعدوى. جلس في الشرفة وقدماه ممتدة على العشب وريثما هو يداوي جرحه جلس إليوت إلى جواره ووجه ملطخ بالطحين.
"ما الذي اصابكَ يا ولد؟"
"ماما تقول أنه سيشفيني"
"آهٍ من ماما تلك"
استخرج منديلا من جيب بنطاله ومده للصبي "امسح وجهك يا ولد فحالك مزري" أومئ إليوت وأخذ المنديل وريثما هو يسمح وجهه لاحظ هايدن عددا من الفتيات أسفل التلة يحملن سلالا فيها ثياب، استذكر بيرل والسلة التي بحوزتها لما أخبرت شقيقها أنها ذاهبة للغسيل.
"يا ولد، أخبرني ما بهن بنات القرية يحملن الثياب وإلى أين يذهبن؟"
"إن اليوم هو يوم الغسيل والجميع يقصد البحيرة أسفل النهر... بيرل ذهبت إلى هناك أيضا بعد أن جمعت ثيابنا المتسخة"
"فهمت"
"هل تريدُ الذهاب أيضا؟"
"ماذا؟ لما عساي أذهب؟"
"لا أدري، لربما تريد الذهاب كما يفعل مايكل والبقية"
"يغسلون ثيابهم هناك؟"
"لا على العكس إنهم يلعبون الغميضة هناك، انهم يتخفون خلف الأشجار ريثما تقوم الفتيات بغسيل الثياب" ضحك إليوت مستذكرا اليوم الذي عثر فيه على مايكل يختبأ خلف الشجرة ولما سأله عن سبب وجوده أخبرهُ أنه يلعبُ الغميضة وإذا كشفت أمره فتاة فسوف تنتهي اللعبة.
حملق هايدن بالفتى إليوت الذي يبتسم كما لو أنه لم يقل شيئاً سيئا للتو ثم فكر في نفسه، لما لا يذهب ويرفهُ عن نفسهِ؟ فهو منذُ مدة لم يخض علاقة مثيرة للاهتمام مع فتاة وربما حان الوقت للحصول على بعض الإثارة.
فبالنهاية الفتيات هنا قرويات والجميع يعرفُ كم من السهل خداع واحدة منهن. عرض هايدن على إليوت الذهاب نحو ذلك النهر المزعوم للعب الغميضة أيضا وإليوت برحابة صدر أخذه ففي النهاية هناك سيقابل بعضا من أصدقائه وسيلعبون بالماء. فهل يوجد أفضل من السباحة في يوم مشمس كهذا؟
وبالفعل حدث ما خطط له هايدن، اتجه مع إليوت لتلك البحيرة ومن بعيد التقطت أذناه أصوات ضحكات النساء وكثيرا من أغانيهن، اقترب بضع خطوات ولما أخفض بصره إلى أسفل المنحدر وجد البحيرة أسفل النهر ووجد القرويات على ضفة البحيرة منهن من تغسل الثياب ومنهن من استغلت الفرصة وذهبت عميقا للعب.
بالطبع ما جعل المنظر يبدوا قطعة من الجنة هي اقمشة اثوابهن المبتلة فلقد التصقت بامتياز ضد أبدانهن ومنهن من عقدت تنورة ثوبها حول خصرها كاشفة عن لحم ناصع البياض.
"سحقا" تمتم هايدن ووقع بصره على تلك الفتاة المدعوة بلورا صديقة بيرل والتي كانت تبلغ من العمر الثامنة عشر وما جعلها ملفتة للنظر هي أنها وريثما كانت تلعب بالماء غطست عن طريق الخطأ ولما أخرجت رأسها ووقفت على ساقيها، ياقة ثوبها الواسعة كشفت عن كتفها وجزء كبير من نهدها لدرجة أنها سارعت بتغطيته.
تلك البحيرة جذبت اهتمام هايدن حقا وعزم على تكرار لعبة الغميضة في المرة القادمة وريثما هو كان يشاهد بكل تركيز، حصاة ضربت رأسه لدرجة أنها كادت أن تفلق رأسه لنصفين. التفت خلفه فإذا به يرى مايكل وعصبة من فتيان القرية، من بينهم روميو، نيكو وبِن.
تجرع حلقه ظنا منه أن نهايته لن تكون سارة لكنه تعجب لما زاحموه في المكان وتدافعوا كي يتمكنوا من المشاهدة بكل وضوح "تنحى جانبا!"
"هل تنوي أخذ المكان كله لك!"
"أخفض صوتك قبل أن يكشفوا أمرنا"
"بل أنت من عليه اخفاض صوته!"
"شش!"
"انظروا يا رفاق أليست تلك جورجينا؟"
"يا ولد! الذي اجده يحدقُ بغصن التفاح خاصتي سأفقع له عينيه"
"إن الأمر ينطبقُ على حبيبتي لوسي"
"لورا محجوزة بالفعل فليكن ذلك بعلمكم"
انصت هايدن إليهم وتعجب من أن أغلب العازبات محجوزات بالفعل، وبعض الفتية من كان له ذوق غريب كالذي كان مفتونا بسيدة لها أربع أولاد.
"هاي أنتَ يا ابنَ المدينة، أخبرنا ما الذي أتى بكَ إلى هنا؟" سأله مايكل.
"إليوت أخبرني بلعبتكم الخسيسة، تسمونها الغميضة إذا"
احس مايكل بالخزي واقسم على نفسه أنه لن يخبر فتى صغيرا بتلك الأسرار مجددا "اسمع، لا تظن أن الأمر على ما يرام فهؤلاء هن نساء قريتنا ونحن لن... بئسا!" تمتم لما رأى جورجينا وهي تلاعب فتى يبلغ من العمر عشر سنوات، إذ كانت تحمله وتسير به إلى عمق البحيرة كي يغطسا معا "يا ليتيني رضيع صغير فتضمني إلى صدرها مثلما تفعل معه.. أقسم أني كنت سأحبها قبل أن أكون رجلا حتى"
"مايكل لا تمد رأسك كثيرا فيتمكنوا من رؤيتك!" وبخ روميو مايكل لما كشف عن رأسه وجره مجدداً. فهم جميعهم كانوا ممدين فوق الأرض يراقبون من أعلى المنحدر الفتيات.
"عجباً ما لي لا أرى بيرل بينهن، ألم تقل انها آتية؟"
انتقل بصر هايدن على الفور نحو روميو المستلقي إلى جواره وهو يبحث عن بيرل بين الفتيات، تلك الأعين المتلهفة والصوت الملح كان خير دليل ليدركَ هايدن أن بيرل محجوزة أيضا وكيف لها أن لا تكون كذلك.
"يا رجل تعقل، إن زوجتك هناك في الأسفل مع الفتيات وانت تبحثُ عن أخرى؟"
"لا شأن لك"
زجره روميو فالضيق تملكه لما ذكروه بأمر زوجته التي لا يطيقها، أي أجل هي كانت حسناءً من حسناوات القرية إلا أن زوجها لم يردها بل أراد غيرها. لقد كانت بيرل هي غاية روميو منذ أن كان فتيا وعزم على إظهار حبه لها بطرقٍ عنيفة بعض الشيء؛ مثل ضربها، جر شعرها أو جعلها أضحوكة أمام الجميع.
ولما كانت تردُ له الصاع صاعين وتمزق نعلها على رأسه، نشوة الحب كانت تعتريه لدرجة إيمانه بأنها تبادله نفس الشعور وآه عندما تشتمه، يتمنى حينها فقط لو يقبل شفتيها ويتسلل بلسانه ليلاعب لسانها الشقي...
تنهد هايدن براحة لما علم أن روميو متزوج وعاود البحث عن بيرل لكن لعبة الغميضة خاصته أُفسدت بسبب شاب حقير بينهم، لم يتمالك نفسه عندما امتدح شاب معشوقته السرية عن طريق الخطأ واحتد الخصام بينهما لدرجة تبادل اللكمات لينتهي الأمر بذلك الشاب وهو يحلق كفرخ الحمامة سقوطا إلى البحيرة. حينها كُشف أمرهم وما كان منهم سوى الفرار فالفتيات كن لهم بالمرصاد.
ركض هايدن وركض في طريق لم يعلم نهايته وكل ما كان يشغل تفكيره آنذاك هو الهرب قبل أن تمسك به واحدة فيصل الخبر إلى مدام ميلينا وفي النهاية توقف نية لفظ أنفاسه لكن صوت الثياب وهي تنفض لفت اهتمامه واقترب من حافة المنحدر ليجد بيرل قد فرغت من الغسيل في ركن بعيد عن أعين الجميع.
عصرت الثياب جيدا وفرزتهم فخاصة عائلة الجدة ميلينا في سلة وثياب عائلة السيد بوسارد في سلة، تأكد هايدن من إخفاء نفسه ومن الأعلى شاهدها وهي تعمل ومن أعماق صدرها خرجت همهمات موسيقية أطربتها.
تذكر هايدن لقائه الأول بها في كوخ مايكل وتبسم رغما عنه لما راوده طيف ذلك الصباح عندما هددته بإسقاطه من التل. احتار هايدن حينها ما سبب كرهها الغير مبرر تجاهه في حين أنها في بداية لقائهما ساعدته، لربما هي من عثرت على الصورة في الدفتر ولما سألها لفقت كذبة لكن السؤال هو لما؟...
لكن كل هذه الأفكار تبددت لما رأى جانبا آخر لبيرل لم يعلم بوجوده بل ولم يتجرأ على التفكير به حتى، فما رآه منها أيقظ ما كُبتَ عنده بسبب لقب أخي السخيف الذي تناديه به وفي هذه اللحظة أيقن أن التفكير بها كأخته ستكون أكبر جريمة بحق نفسه.
"سحقا"
فكيف له رؤيتها كأخته وهي قد حررت شعرها من أسفل الخرقة وسدلته ليفترش ضد ظهرها، إذ كان طويلا يلامس منتصف ظهرها. تلفتت بيرل حولها خشية أن يتطفل عليها أحد في خلوتها ولما أحست أنها وحيدة، التقطت خيوط ثوبها وفكت عقده سامحة لياقتها بأن تتسع وتريحها.
انتقلت اصابعها لاحقا لظهرها وبمهارة فرقت بين الخيوط ثم بسلاسة سقط الثوب من عليها واستقر عند قدميها. خشي هايدن من المفاجأة السريعة لكنه تنهد براحة لما رأى ثوبها الداخلي الأبيض مستقرا عليها. حينها تقدمت بيرل نحو الضفة وغطست في مياه النهر تسبح.
"الجحيم الدموي"
مد هايدن رأسه اكثر كي يتمكن من رؤيتها ولم يشعر بنفسه قد كشف تخفيه إلا عندما فتحت بيرل عينيها ورأته جالسا في المنحدر فوقها. هنا كان هايدن أمام خيار واحد لا ثاني له ألا وهو الفرار لكن الكلب -ذهبي- قام بعضه من الخلف وعن طريق الخطأ وقع كفرخ الحمامة للنهر.
فزع هايدن وفقد مقدرته على الثبات فالهواء كان يفارق رئتيه لما غط في النهر فهو لم يكن ملما بالسباحة والتيار جره معه، ناضل يريد الصعود ولم يشعر إلا وبذراعين تلتف حوله كي ترفعه للأعلى.
"آه!" شهق هايدن يلهث للهواء ويداه تحركت بعشوائية أما بيرل جانبه تحاول ضبطه "لا تفزع فإنك تعيقني عن السباحة هكذا!" صاحت به فهو من شدة خوفه كان يجرها للأسفل يمنعها من السباحة.
هنا وقع هايدن في موقف لا يحسد عليه فلقد اضطر للتمسك ببيرل التي كانت منقذته تقاوم التيار وكلبها ذهبي ينبح من بعيد، ركض ذهبي وقفز في النهر يسبح خلفهما لكن بيرل جرت هايدن إلى الضفة حيث قدماه أخيرا لامست الأرض.
سار كلاهما بتعب وارتميا على الأرض يلفظان أنفاسهما، ألقى هايدن رأسه على التراب ولما التفت إلى جانبه وجد بيرل مغمضة العينين تملئ رئتيها بالهواء، انتقل بصره إلى أسفل عنقها ولما وجد ثوبها الأبيض ملاصقا لتضاريس بدنها جزء منه استحى وجزء منه أعجب بما يراه لكن الصفعة على وجهه أيقظته من أفكاره المنحرفة "سحقا!"
"انت جئت للموت بقدميك يا هذا!"
فزع لما رأى يدها استخرجت سكينا فضيا من جيبها وضد عنقه الصقته تهدده "ما الذي كنتَ تفعله هناك في الأعلى!"
تجرع هايدن حلقه وشعر بنصل السكين الحاد ضد بشرة عنقه وقال "هناك سوء فهم لذا تريثي وأنزلي هذا السكين! سأشرح لك ما حصل"
"أنا استمع"
"إليوت أراد اللعب عند النهر وألح عليَ بالذهاب معه لعدم وجود أصدقائه، هناك وعن طريق الخطأ قابلت أصدقائك الهمجين كمايكل وروميو... وجدتهم يقومون بأمور لا أخلاقية لم أوافق عليها أبدا لكن بالنهاية الفتيات اللواتي كن في البحيرة اكتشفوا أمر الرجال ولولا خوفي من أن تتهمني مدام ميلينا اتهاما باطلا هربت وعن طريق الخطأ وصلت لهنا وكلبك العزيز اسقطني... هذا كل ما في الأمر"
وجد تعابيرها غير راضية وعقدة لا تكاد تنفك في حاجبيها "لستُ بالكاذب لذا صدقيني... متى كذبتُ عليكم؟"
"لما عساي أصدقك؟ لا أثق بك حتى"
"في الواقع انتِ عليك الثقة بي فلو لم أكن جديرا بالثقة لما وضعتِ سكينك الصغير هذا ضد عنقي ولما سمحت لكِ بالبقاء حرة وانت جالسة فوقي"
دفاعات بيرل اهتزت بسبب حديثه الجاد ولما وجدها باتت في موقف مكشوف ضرب يدها ثم بلمح البصر وجدت بيرل نفسها ملقية تحت هايدن وسكينها العزيز بات في حوزته، هنا تمكن هايدن أخيرا من رؤية وجه بيرل الخائف. حرك هايدن يده وبيرل ارتعبت منكمشة حول نفسها خشية أن يمسها بسوء لكنه أراحها لما نهض عنها وقدم لها يد المساعدة "تعالي"
حدقت بيرل بيده ثم به وصفعت يده لتنهض بنفسها وبكلا ذراعيها ضمت جسدها نية الذهاب لالتقاط ملابسها في تلك الأثناء خرج ذهبي من النهر وجرى نحو هايدن ينبح بوجهه مهددا إياه مسببا له حالة من الذعر فالحيوانات ليست شيئا مفضلا لدى هايدن.
"ذهبي! ذهبي تعال لهنا!" نادت بيرل على ذهبي وقبل أن ينقض عليه سارعت بإمساك كلبها واحتضانه كي لا يؤذيه "توقف يا ذهبي لا بأس" ربتت على ظهره وذهبي من شدة قلقه عليها لعق وجهها والتفت لهايدن كاشفا عن أسنانه يهدده.
"شكراً" تمتم هايدن فعلى الأقل فعلت شيئا جيدا ولم تنسى خوفه من الحيوانات.
"فقط استدر ولا تنظر"
"حسنا سأفعل"
فعل ما طلبت منه وبيرل نزعت ثوبها الداخلي وارتدت ثوب الحقل، أبلغته حينها أنها انتهت ولما همت بتجاهله وحمل السلتين تفاجأت منه قد حمل سلة عنها "إن كنتَ تظن أن هذا سيشفع لك فانت تحلم"
"لا بأس، اعتبريها بداية جديدة بيننا"
"بيننا؟ وهل يوجد نحن؟"
"إننا نعيش تحت نفس السقف يا -أختي- ثم دعيني اذكرك بأنك تدينين لي باعتذار فلقد أخبرتني تلك العمة عما حدث في ليلة أمس"
"لم أنطق بحرف لها ولما أخبرها؟ سأتورط حينها معك فلقد كنت مستيقظة"
"صحيح، ما الذي كنتِ تفعلينه في الخارج ليلة أمس؟ اليس من المفترض ألا تخرجي؟ أم انكم تضعون قواعدا ولا تنفذوها"
"لا تتحمس هكذا، كنت ادخل ذهبي فأنا لا أحب بقائه في الخارج ليلا... لستُ مستعدة لخسارة أخرى"
احتفظ هايدن بحق كلامه وتأملها من الخلف لما سبقته مع ذهبي بحوزتها سلة الثياب، كانت ذات موقف حازم وثابت عكس ما رآه منها قبل قليل لما ارتجفت بخوف أسفله كما لو أنه سيضرها ويدنس بدنها. والأمر الذي جعله يتعجب هو إعجابه بجانبها ذاك فلقد ظنها مجرد حجر يسير على قدمين.
قصدا في طريق عودتهما دار السيد بوسارد لتعطيهم بيرل الغسيل خاصتهم من ثم عادا لمنزل الجدة ميلينا كي تقوم بيرل بنشر الغسيل قبل دخولها "أعطني ثيابك المبللة كي أقوم بنشرها" همهم هايدن وبدنائه مغلفة بالبراءة خلع قميصه وهم بفك حزامه وعندما سمع صياح بيرل عليه هو كتم ابتسامته "ما الذي تفعله!"
"ألم تقولي أن أعطيكِ ثيابي كي تنشريها؟"
"وتنزعها هنا أمامي؟! للداخل حالا قبل أن ترانا عمتي!" التقطت قطعة من الغسيل وضربته بها كي يغرب عن وجهها وهايدن هنا كشف عن ضحكته وفر للداخل مستعجلا لكنه قبل دخوله استرق لها النظر ليجد زاوية شفتها كلما تكاد ترتفع تكتمها مجبرة نفسها على عدم التبسم وفي نفسها شتمته.
ولج هايدن للمنزل يدندن مع نفسه وأشعل سيجارته ليدخن في طريقه وهو قاصدٌ غرفته لكنه وعن طريق الصدفة وجد خصلة شقراء مجددا أسفل رفوف الكتب خاصته ولما كشف عن مذكرات دوريان وجد الغلاف ملطخا بمادة دبقة ولما قربها للسانه فطن أنها مربى..
"لا بد أنها تلك الوضيعة"

.png)
اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة