illynaz illynaz
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة

حدث ذات مرة في سانتا كولوما الفصل السابع


 

"سنيورة كارمن، الجميع في الأسفل يتناولون الإفطار ألن تنزلي؟ أم ترغبين بأن اجلبه لغرفتكِ؟"

توقفت ماريا عند باب حجرة كارمن في اليوم التالي ولما لم يأتيها رد، أذنت لنفسها بالدخول فإذا بها ترى كارمن متكئة على وسائدها الوفيرة في فراشها تقوم بالتطريز.

"سنيورة كارمن؟ ... رباه! سنيورة ما الذي اصاب بشرتك!"

جلست ماريا على جانب السرير وابعدت لفائف شعر كارمن الداكنة لتكشف عن بشرة صدرها المحمرة وفيها من الخدوش الكثير، عنقها كان فيه بقع حمراء أيضا، كحال كتفيها ويديها التي تعمل بهما. تنهدت كارمن بقلة حيلة وابعدت يد ماريا تربت عليها فلا تقلق.

"الماء كان ساخنا بعض الشيء لا اكثر يا ماريا" قالت كارمن وماريا شعرت بالصداع يفلق رأسها نصفين، فلقد قامت السنيورة بفرك جسدها بقسوة حتى صنعت خدوشا وبقعا لا تزول.

"سنيور لما فعلتِ هذا بنفسك! ليتكِ سمحتي لي بمساعدتكِ في تنظيف جسدك ليلة أمس، آه مني لو بقيت الى جوارك!"

"آسفة إن اقلقتكِ، لكن حدث ما حدث بالفعل"

"ان هذا غير مقبول انا سابلغ جدتك فهي الوحيدة التي تخافين منها!"

"ماريا توقفي عندك! ماريا!"

لكن ماريا لم تستمع وذهبت لتخبر الجدة وفي تلك الاثناء ولجت ليلي بثوب أزرق ناسب بياض بشرتها فجعل من خصلها الذهبية شمس ربيع دافئة "ما بها ماريا تركض هكذا؟ آه اختي ما هذه البقع؟ هل انت مصابة بالمرض؟"

"استحممت بماء ساخن ليس إلا، لا ادري ما الداعي من اخبار جدتي"

جلست ليلي الى جوار كارمن وزمت شفتيها من حال اختها ثم سألتها "لقد فوتي وجبة الافطار"

"لا رغبة لي بتناول الطعام، اخبريني ما هذه الثياب، ستذهبين لمكان؟"

"سأذهب مع أمي وخالتي كي نجتمع بالكونتيسة وبعض من اخواتها، سنقوم بالتسوق فموعد الزفاف اقترب"

"آه صحيح، نسيت أمره" وضعت كارمن يدها على جبينها "آمل أن ينتهي الوشاح في الوقت المناسب إذا"

"اتقومين بصناعته لي؟"

"أجل، انه هدية زفافك وإن كنت غير سعيدة بذلك الزواج"

"بخصوص هذا" استلقت ليلي الى جوار كارمن تريح راسها  على الوسادة وقالت "إن عائلة رامون تحبني وهو بعظمة لسانه اخبرني أن والداه راضيان اشد الرضى عني"

"إني مسرورة بسماع هذا" تبسمت كارمن وغرزت الابرة في القماش الابيض تخيط زوجي عصافير جديدة "يا ترى لما لا يبوح لي رامون بأفكاره حول زفافنا؟ لربما هو خجل؟" سألت ليلي ثم قهقهت على اعتقادها فمن المستحيل أن يمتلك ذلك الرجل ذرة حياء.

"تكتم رامون لا ينبع من خجله، إنما ينبع عن محاولته لضبط لسانه فهو خائب لا يقدر على حفظ الأسرار"

"ماذا؟ سر؟ أيمكن أن يكون هناك سر؟"

"لا أجزم بوجود سر معين لكن أجزم بوجود ما يخفيه، كما اخبرتك، ان له لسانا ثرثارا والطريقة الوحيدة لكبحه هي امتناعه عن كثرة الحديث"

"لربما هو كاذب يخفي خدعته"

هزت كارمن رأسها نافية وريثما هي منهمكة في التطريز قالت "إن رامون دنيء أجل لكنه ليس بكاذب وإن حاول فله عادة تكشفه، إذ يلمس شحمة أذنه بيده اليمنى ويفركها"

قطبت ليلي حاجبيها ساخرة وسألتها "لما اليمنى وليست اليسرى؟"

رفعت كارمن حاجبيها بحيرة من جهل اختها وقالت "هذا لأن اليسرى ضريرة، ألا تذكرين الحادث الذي اصابه في طفولته؟"

اعتدلت ليلي من استلقائها وحملقت بكارمن لا تصدق أنها تذكر لها هذه الامور كما لو أنها بديهيات الجميع قادر على ملاحظتها، فلا يوجد عاقل يتعمق برامون وطباعه وإن كان حقا ما تسمعه من اختها إذا والدتها كانت محقة.

فلقد احذرتها من كارمن التي تحاول اغواء رامون وسرقته منها، ولتوثيق إدعائها اخبرتها أنهما في حفل الخطوبة اتخذى ركنا بعيدا وتناقشا كعاشقين، فمن عساه يخطأ بترجمة تحديق رامون الغير مبرر بشفتي كارمن كلما تحدثت، أو سؤاله المستمر عنها كلما سنحت الفرصة.

رسمت ليلي ابتسامة صفراء وقالت "كارمن انتِ حقا تعرفين الكثير عن رامون وأظنكما مقربين بشدة، فرغم امتلاكه اصحابا كثر دوما ما ينتهي به المطاف بإيجادك ومشاجرتك"

"أليس كذلك..."

امتنعت كارمن عن التلفظ بالمزيد وفي داخلها هي نفت حديث ليلي، فرامون ذاك مجرد فتى وحيد والذين حوله من الرفقة، جاوروه فقط بسبب منصبه وثروته فهو كان فتى ذو جيوب وفيرة، كلما اجتمع للعب مع اصحابه أنفق عليهم، إما بطعام أو بهدايا هم يطلبونها منه.

ولو لم يكن ثريا ابن ثري، لما رافقه في دربه أحد وهذا الشيء حدث مرة، إذ عاقبه والده عقابا شديدا وفوق التعنيف الجسدي هو حرمه من النقود لشهر كامل، حينها رفض احد التسكع معه او شراء الحلوى له كما كان يفعل لأجلهم.

فما كان منه سوى التجول وحيدا في طرقات البلدة مع الكلب خاصته والتي كانت انثى في بداية عمرها فلقد اقتناها رامون منذ ان كانت جروا صغيرا وبنفسه اشرف على ارضاعها الحليب حتى كبرت...

في ذلك اليوم التقت به كارمن عند حديقة الكوخ المهجور، إذ كانت تتأرجح وحيدة وعندما رأت الكدمة الأرجوانية في وجنته هي علمت انه تلقى العقاب ورامون علم انها معاقبة ايضا عندما رأى طبعة يد حمراء على وجنتها.

هما تشاجرا كعادتهما في البداية، فرامون دفعها عن الأرجوحة وهي جرت شعره، لكن مجموعة فتيةٍ اكبر منهم اجتمعوا عليهما يريدون الحديقة وعندما همت كلبة رامون بالدفاع عن مالكها ضرب كبير تلك العصبة رأسها بحجر..

شاهد رامون الفتية الكبار وهم يجتمعون على كلبته بالعصي والحجارة، يضربونها من كل موضع وعندما اراد انقاذها هم أرعبوه بشدة بعصيهم التي فيها دماء كلبته لذا وككل مرة عندما يشتد خوف رامون، خانته مسالكه البولية وبلل سرواله..

انتقمت كارمن حينها لرامون وللكلبة لكن الصبية ضربوها هي الأخرى وبعد ان ملوا منهما رحلوا تاركين إياهم...

اشتد بكاء رامون على كلبته التي فقدت حياتها وكارمن ذات الكدمات والشعر الاشعث ضمته في عناق غير آبهة بسراله المبلل.

فرامون كان بمثل سن ليلي ولما رأته مفطور الفؤاد هي تذكرت أختها ولأجله سرقت سروالا من ابن عمها ميغيل كي لا يعود رامون لبيته فتعاقبه والدته.

أما تلك الحديقة المهجورة فقد باتت مقبرة لكلبة رامون الوفية ومن حين لآخر كان يزورانها دون علم أحد ويزرعان لها بعضا من الزهور.....

هناك هما تمكنا من الحديث اوقات كثيرة وفي إحدى المرات، أطلعها رامون على حلمه، وهو انه لا يريد اخذ لقب والده، انما يريد ان يكون فارسا يعمل في البلاط الملكي، وعندما سألها عن حلمها عندما تكبر، هي لم تجد اجابة لعدم امتلاكها أي مهارات تستحق الذكر وانما اخبرته عن حلم ليلي قائلة ان اختها تريد ان تكون اميرة...

ذلك النهار ظل محفورا في ذاكرة كارمن حتى بعد بلوغها سن الثلاثين وهذا بسبب انها لم تمتلك حلما ولم يكن بوسعها سوى معرفة احلام اختها والمساهمة في تحقيق رغباتها، فهذه هي وظيفتها في الحياة، ان تعتني باختها...

"كارمن... أود اخبارك بشيء" جذبت ليلي اهتمام اختها "إنه سرٍ لم أخبر به امي ولا مربيتي"

"ما هو؟"

"اختي.. هل تذكرين عندما ذهبت البارحة مع رامون للاسطبل؟" أومئت كارمن تحث شقيقتها على اكمال الحديث "لقد تحدثت انا ورامون وهل تصدقين يا اختي اخبرني عن حبه الدفين لي منذ الطفولة!"

"ماذا!"

"نعم! انا بنفسي لم اصدق ذلك... لقد اعترف لي رامون واخبرني انه كان عاجزا عن التعبير فاتخذ العنف ذاك مبررا ولقد ... حدث شيء آخر" عضت ليلي شفتها "لقد قبلني يا اختي"

"توقفي انا لا اريد سماع حرف من هذا القرف!" ادارت كارمن رأسها للجهة الأخرى ترفض الاستماع وهذه العادة ليست بالجديدة فكلما همت ليلي باخبارها عما يحدث بينها وبين ميغيل وبختها واخبرتها انها لا ترغب بمعرفة شيء.

"لقد قبلني رامون بشغف يا كارمن"

"ليلي لقد قلت كفى!"

"وقبلته الحامية تلك انستني ميغيل وانستني اسمي" ألحت ليلي واصرت على اطلاع اختها.

"ليلي!"

"لقد فك لي رامون حبال المشد ورفع لي تنورة ثوبي... هل تفهمين ما حدث بيننا يا كارمن؟ نحن يجب علينا الزواج فلا رجعة من بعد ما حصل" جمعت يديها على بطنها "أبي سينهار وامي ستغضب بشدة إن انتفخت بطني قبل الزواج"

"هل فقدتي صوابكِ؟ كيف لكِ ان تسمحي بحدوث ذلك!"

"كارمن أنا آسفة، أنا آسفة فلم اكبح مشاعري ورامون كان مندفعا ذو دم حامي... لم استطع مقاومته ومنذ البارحة وأنا مهمومة" اهتز صوت ليلي بانكسار وكارمن الدماء في عروقها باتت تغلي بشدة.

فكيف له ان يفعل ذاك باختها ثم يتجرأ على قول انه يحبها...

"أنا سأقتل رامون" نطقت بحقد من بين أسنانها.

"كارمن لا! إياك واخباره بما حدث بيننا"

"إذا ماذا عساي أفعل!"

"انتِ عليكِ الحرص على أن يتم الزفاف، انسي ما قلته لك سابقا وكفي عن محاولة اقناع رامون بالاقلاع عن هذا الزفاف... انت عليك اجباره على الزواج مني"

"ماذا عن ميغيل؟ ألم تذرفي الدموع قبلا لانك ستفقديه؟"

"لا تذكري اسم ذلك الجبان أمامي، لم ينطق بحرف لأبي مهما دعمته وشجعته، في حين ان رامون إذا تحدث ترين هيبته بادية عليه ولا يمكن لاحد سوى الانصياع له... حتى والدته لا يمكنها ان تقول كلمة فوق كلمته! يا كارمن انت هذه المرة عليك مساعدتي واقناعه بي، اجعليه ينظر لي ويراني زوجة مثالية له فهل ستفعلين؟"

ارغمت كارمن نفسها على الرضوخ لطلب اختها "سأحاول"

"لا تحاولي يا اختي انما افعلي وبينما انت تقنعيه اخبريني عنه اكثر كي يتسنى لي معرفة احواله وطباعه فانت حقا ملمة به، هل اتفقنا؟"

اومئت كارمن وماريا ولجت للغرفة فجأة تبلغ السنيورة ان جدتها تنادي عليها فوضعت كارمن عدة خياطتها جانبا والتقطت ردائها الابيض لترتديه فوق ثوب نومها .

"سنيورة على مهلك، تركتكِ وجلدك احمر لكن ما به وجهكِ بات شاحبا؟ هل سمعتي ما لا يرضيكِ؟!" امسكت ماريا بكتفي كارمن وليلي كانت جالسة على الفراش تعاين الوشاح الذي سيصبح هديتها...

"ماريا أنا على ما يرام"

"لستِ كذلك، منذ الآن وصاعدا انا من سيقوم بالاشراف على حمامك وسابحث لك عن قطعة من الحرير كي تفركي بها بشرتك الهشة... امي تقول ان البشرة الضعيفة تاتي من عدم شرب الحليب وانت يا سنيورة كنت عنيدة ترفضين شرب الحليب منذ الصغر " قالت ماريا وهي تعقد رباط رداء سيدتها وكي لا تصاب بالبرد وضعت على كتفيها وشاحا بنيا..

"ماريا انت تبالغين حقا" سخرت ليلي من خادمة كارمن.

"سنيوريتا ليلي لست ابالغ على الإطلاق، هيا يا سنيورة كارمن لآخذك لجدتك"

دحرجت ليلي عينها من درامية ماريا ونهضت ترافقهما لغرفة الجدة، التي حالما رأت حال كارمن، هي امسكت برأسها من هول الصدمة وامرت ماريا ان تستدعي حكيما عسى ولعل ان يجد حلا لهذه البقع الحمراء.

شاهدتهم ليلي من خلف الباب ولم تفضل الاقتراب من جدتها، فهي ليست على وفاق معها انما على وفاق مع اختها ونزلت السلالم حيث والدتها وخالتها في الانتظار.

"ليلي لما تأخرتي وما هذا الصياح في الأعلى؟"

"إنها جدتي، تطلب طبيبا لكارمن فهناك بقع حمراء في جلدها"

"لا بد انها حساسية"

لكن اختي لا تملك حساسية تجاه شيء يا أمي، انها حروق من الماء الساخن"

"حسنا إذا لنذهب كي لا نتأخر عن الكونتيسة"

"حاضر أمي"

لحقت ليلي بوالدتها ومن الأعلى وصلها صوت صياح جدتها القلق على كارمن وفي نفسها احست بالضيق من تلك الجدة التي تحب اختها ولا تحبها...

"كارمن قولي لي ما هذا الذي في جسدك!"

"جدتي اخبرتك انه الماء الساخن"

"وهل الماء الساخن يصنع هكذا خدوش؟ من يراك يقول انك فركت جسدك بصخرة! قولي يا بنيتي هل تريدين جعلي اموت ناقصة عمر!"

"جدتي لقد كنت انظف نفسي ليس إلا وتضايقت ففعلت ما فعلت رغما عني"

"وما الذي ضايقك لهذه الدرجة، اخبريني قد اتمكن من مساعدتك"

"أنا بخير الآن ولا يوجد خطب بي لذا كفي عن القلق"

ألحت الجدة على كارمن لكن الأخرى تمسكت بموقفها فما كان من الجدة سوى الاستسلام واستقبال الطبيب الذي قام بفحص حفيدتها فوصف لها دواء يُعجل من شفاء هذه الحروق.

مرت الأيام حتى انقضت ثلاثة أشهر وكارمن لازمت غرفتها، فلم يكن بوسع رامون إيجادها في سوق البلدة ولا حتى في زياراته لمنزلهم، لدرجة أن فكر في احدى المرات بتسلق جدار منزلهم والتسلل لغرفتها إلا أن خطته الممتازة لم ترى نور الشمس فلم يصدف وقت مناسب لتنفيذها فأقلع عنها.

لكنه وعن طريق الصدفة بينما كان يمتطي فرسه في طرقات البلدة لمح كارمن وفي جعبتها سلة مشترياتها تقف في ركن منزوي وباولو أمامها يحادثها واللهفة بادية عليه.

نزل رامون من على ظهر فرسه وتسلل بخفة يود استراق السمع ليعرف ما يدور بينهما وهناك حلت المصيبة على رأسه

"سنيورة كارمن انا حقا ممنون من موافقتك على لقائي، سمعت عن مرضك من شقيقتك وقد انتابني القلق لدرجة أن النوم لم يزرني لأيام"

"انا بخير الآن سنيور رافاييل، وصلتني رسالتك على لسان شقيقتي تخبرني فيها انك ستغادر البلدة"

اومئ باولو بحزن والسبب الذي جعل كارمن غير قادرة على كشف هويته هي ان هذا المدعو بباولو لم يكن من ابناء بلدتهم انما جاء قبل مدة ليست بطويلة وها هو الان سيسافر حقا عائدا للديار حيث تنتظره زوجته وابنائه الثلاثة.

"لا تحزني يا وردتي الجميلة أنا سامر على بلدتكم العام المقبل وساضع في اصبعك خاتما فهل انت موافقة علي؟ اخبريني كي لا اعود للديار خاوي اليدين"

امسك بكلا يديها ينتظر منها ردها وكارمن اومئت بالموافقة لعدم امتلاكها حلا آخر إذ كانت مخاوفها تصر عليها أن هذا الرجل فرصتها الأخيرة وعائلتها شجعوها على ذلك كي لا ينتهي بها الأمر مثل جدتها وحيدة لا تملك احدا.

"اخبريني بصوتك لا برأسك يا قطعة السكر"

"اخبرتك اني موافقة لذا كف عن هذا"

"رباه! إني حقا مسرور! اقسم لك يا حب حياتي انك لن تذرفي دمعة حزن وساجعل من أيامك القادمة جنة"

تنهدت كارمن من سعادته المفرطة وخلصت يدياها منه "رافاييل، علي الرحيل الآن فخادمتي في انتظاري"

"انتظري إلى أين تذهبين؟ لما العجلة هي مجرد خادمة فدعيها تنتظر وقبليني قبلة الوداع"

جرها من معصمها يود ضمها إليه لكن أحلامه بقيت مجرد أحلام ولم ترى نور الشمس فلقد حصل باولو على لكمة جعلته يتوب عن جميع ذنوبه منذ كان طفلا رضيعا "قبلة الوداع هاه! تعال لأذيقك لكمة أسميتها لأجلك الوداع الاخير!"

انتفضت كارمن في مكانها فزعة "رامون! رامون ماذا تفعل! اتركه حالا!" حاولت كارمن إيقافه وضربت على ظهره لما رأت قبضته تلطخت بالأحمر من عدد المرات التي لكم باولو بها.

صرخت كارمن تستنجد بالأهالي لما أيقنت أن رافاييل يوشك على الموت بين يديه وعندما هرعوا للمساعدة زجرهم رامون محذرا إياهم "من يقترب خطوة واحدة من هذا اللعين فليعلم حينها أنه التالي!"

دفع خصل شعره بظهر يده الملطخة بالدم فتصبغت وجنته بالكامل، ليصنع لوحة فنية لوحش ضاري يهابه الجميع، رمقهم بحقد وعندما لم يقترب أحد هو عاود لكم باولو مرة تلو الأخرى، أما كارمن التي ذاقت ذرعا من جبروت ذلك المخبول التقطت صخرة من الأرض وضربته على رأسه في محاولة واهية منها لإيقافه "قلتُ لكَ توقف!"

اهتزت رؤية رامون وطنين حاد ضرب اذنيه من شدة الصداع الذي شعر به يفلق رأسه.

تلمس رأسه من الخلف ولم يفرق بين دمه ودم باولو ولما التفت وجد كارمن تقف وفي يدها حجر ثقيل...

تبسم رامون وابتسامته اتسعت حتى باتت قهقهة، فانقلبت قهقهته لضحكة قوية أرعبت الجميع بالأخص كارمن التي ظنت أنها التالية فاحكمت الامساك بالصخرة كي تردعه. 

فإن كان الأهالي يخشونه وهي لا طاقة لها به، فالصخرة ستفي بالواجب معه.

"أنا يا كارمن تفعلين بي هذا؟ ... " نهض رامون بوهن وترنح في خطاه نحوها ولما وجدها ترتجف سألها "ما هذه النظرة على وجهك؟ هل لازلتِ تخافين مني؟"

اهتز بدنه وسقط جاثيا على ركبتيه أمام المرأة التي يقدسها وقال "أنا آسف..." لم يكمل حديثه، عيناه انقلبت في محجرها فهوى نحوها وتبسم عندما سارعت كارمن كي تمسك برأسه قبل أن يمس التراب..





عن الكاتب

إليناز كاتبة سابقة في تطبيق الواتباد و لي من الاعمال الكثير اشهرها الجميلة و الوحش في الشقة المجاورة, القرية خلف سكة الحديد و روميو و الوحوش في السرداب كذلك قصص سابقة مثل الغراب و الرداء الاحمر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

illynaz