illynaz illynaz
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة

القرية خلف سكة الحديد الفصل الثاني عشر


 

"قُلها مجددًا"

قال مايكل وقدماهُ على مكتبه بينما يتأرجحُ بكرسيه يراقبُ هايدن الذي يمكثُ داخل الزنزانةِ منذُ الظهيرة، دلاءُ فارغة، أجراس وأحجارٌ مصفوفة على شكل نصفِ حلقة تحيط الزنزانة وفي المنتصفِ جمعوا ثلاثة حصى.

 أمسك مايكل الجرسَ في يدهِ يطهر هايدن من الذنوب التي سيطرت عليه وهايدن رفعُ رأسهُ يكادُ يُجنُّ فهو يَسمعُ صوت الأجراس منذ وقت طويل وكل تارة يأمرهُ أن يعترفَ بالذنبِ الذي ارتكبه.

"إنّه ليس بينيت! لقد أخطأت، هو ليس من سرقَ الدجاجات!" صاح هايدن وضربَ على القضبان الخشبيّة كي يتوقف فقد تعب وثيابهُ جفّت عليه بينما في الخارج مصابيحُ القرويين منيرة ولا يوجدُ سوى السّعادة تملأ جنّتهم الصّغيرة، فاحتفالهم بدأ عند الغروب..

بالنسبة لهم ليلةُ الإثنين دومًا ما تكون مميزة فهم لا يرون حياة الليل إلا فيها، اجتمعَ بِن، نيكو وروميو في ركن بعيدٍ تحت المصّابيح يحضَون باحتفالهم الخاص فكلُ واحدٍ منهم عازب ولا ينوي الرقص مع جدته بالطبع روميو ليس مُدرجا تحت اسم العازب إلا أنه ترك زوجته وأصر على التصرف كمن لا زوجة له، يلاحق بيرل ببصره.

"روميو، يا روميو تعال وشاركني الرقص" وكزته زوجته من كتفه تترجاه للنهوض معها "هيا يا روميو فجميع النساء ذهبن للرقص مع أزواجهن"

"اذهبي وأرقصي معهن"

"روميو كيف سيكون منظري وأنا بدونك!" ألحت عليه لكنه أصر على موقفه، تعبت منه زوجته وجلست إلى جواره تندب حظها على هكذا رجل. شاهدت الجميع وهم يرقصون بفرح إلا هي وما أثار غيضها هي رؤية بيرل. استرقت النظر إلى روميو فوجدته يتأمل تلك الملعونة بعينين محبة وقالت "اخجل من نفسك ولو قليلا، زوجتك تجلس بجانبك وعيناك في مكان آخر، تعقل يا روميو فتلك المرأة ليست لك"

تعكر صفو مزاج روميو وأكملت زوجته "ثم يا عديم الكرامة كيف لك أن تُحبَ امرأة تعيش تحت سقفٍ واحدٍ مع رجل غريب"

"إلى ماذا تلمحين؟"

"إلى ماذا ألمح؟ أيها المعتوه إنك تفهم ما أعني تماماً فبالنهاية هي امرأة في الرابعة والعشرين من عمرها لها احتياجات ولم تعد ابنة السادسة عشرة التي تنتظرك وصدقني ذاك المدعو بدوريان، أنساها عقلها. لن أتعجب إذا رأيتها تتقيأ في يوم وبطنها منتفخة"

"اضبطي لسانك يا امرأة ولا تقولي عنها ذلك!"

"بل انت من عليه ضبط عينيه يا عديم الكرامة!"

احتد الشجار بينهما ولم يكن بيد نيكو وبِن سوى الفرار هربا من ذلك النقاش العائلي وانضما إلى ساحة الرقص مع البقية، لم يكن للقرية آلاتٌ ليعزفوا عليها إنما كان لديهم أيدٍ تُصفّق، وأفواهٌ تغنّي ومزمارٌ واحد يصنعُ البهجة في هذه القرية التي لا تسكنها سوى خمس عائلاتِ والعدد يقلُ باستمرار..

في تلك الأثناء سئم مايكل من مهمته فهو يفوت الحفل كالأبله وسأل هايدن إن احس بروحه باتت طاهرة، بالطبع هايدن أجابه بنعم فهو ليس مخبولا ليرضى بالبقاء في الحبس لذا قام مايكل بتحريره واخبره ان يفعل ما يشاء ثم ول الى الحفل مسرعا وهايدن بحكم ان لا شيء يفعله قرر الذهاب ايضا عله يجد بعضا من البورتو كي ينسي نفسه بشاعة هذا اليوم وانغمس بين بهجة الأهالي.

بالطبع كان على البهجة أن تستمر لكن روميو اقسم على نفسه أنه سيحادث بيرل لذا سار نحوها وبيرل في تلك الأثناء وضعت على مائدة الضيوف من العصير ما سيكفيهم.

"بيرل بنيتي تعالي واجلسي إلى جواري" نادت عليها ميلينا وبيرل لوهلة ترددت، هل تذهب إلى أمها الروحية أم إلى عائلتها المجتمعة في طاولة أخرى، اصرت ميلينا عليها وهي بحكم الرابط العاطفي بينهما جلست إلى جوارها لكن عيناها بقيت معلقة على أسرتها التي تحظى بوقت مسلي. وانتابتها الغيرة لما رأت أمها تعانق إنارا وتقبلها فرحة بها.

“أمي، اسمحي لي بالذهاب الى جوارهم، سأعود عل الفور" ودون تضيع أي ثانية فرت بيرل إلى عائلتها ترغب بالحصول على حصة من الحب والمودة إلا أن عائلتها وككل مرة استقبلوها كما لو أنها ابنة جيرانهم وليست ابنتهم الحقيقية. انتهى بها الامر واقفة كالأباجورة بينهم تكتفي بصنع ابتسامة إذا حادثوها وعندما لا يفعلون هي فقط تكتفي بالنظر إليهم نظرة احتياج علهم يفهمون من عينيها شيئا بعد عجزهم عن فهم لسانها...

لطالما هي كانت تعاني في داخلها فلا هي ابنة ميلينا الحقيقية ولا هي المقربة إلى اسرتها. حتى اخوتها كانوا يعاملونها كما لو أنها كأي فتاة عادية من القرية لذا كانت الوحشة دوما ما تراود بيرل. فهي بالنهاية تربت بعيدا عنهم والرابط بينهم لم يعد متينا. لذا اكتفت بيرل بالتحديق وهي ترى والديها يغدقون بقية شقيقاتها بالحب لكن اللحظات الهادئة تعكرت بسبب روميو الذي وبشكل مفاجئ عين نفسه المسؤول عن أخلاقها.

"بيرل، أين انتِ كنت ابحث عنك.. نحن علينا الحديث"

"بماذا سنتحدث؟ لا أذكر وجود موضوع يجمعنا"

"بل يوجد، أخبريني إلى متى ستضلين في منزل باومن، لديهم شاب الآن فكيف يمكنك البقاء عندهم؟!"

"ما شأنك انت؟"

"أنا قلق عليكِ"

"لا داعي لذلك، وجه قلقك وفضولك نحو زوجتك"

"هل تغارين علي؟"

"هل انت مريض؟ لا يا عزيزي أنا لا افكر بك حتى وليكن بعلمك منزل باومن هو منزلي وميلينا هي والدتي"

"ذلك الكوخ ليس منزلك، ميلينا ليست والدتك ودوريان ليس شقيقك يا بيرل! انت لست منهم! افهمي ذلك وكفي عن خداع نفسكٍ، ألا تدركين أنك تعيشين في بيت مع رجل غريب عنكِ! ماذا سيحل بعائلتك إذا امست سيرتك على ألسنة الجميع بسبب حملٍ غير مرغوب به!"

"حمل غير مرغوب؟ هذا ما تظنه عني أيها الحقير!" قالت من بين أسنانها وهمت بتحطيم طبق حلوى على رأسه لكنه امسك بيدها يمنعها.

"ما بك غاضبة مغتاظة من حديثي! انا ، انتِ وجميعنا نعلم بانفلات مشاعرك السابق تجاه دوريان!"

"انت متعطش للموت أليس كذلك!"

"دعي زوجي وشأنه يا ... لا يوجد لديك عائلة حتى لأهينك باسمها!" تدخلت زوجة روميو تدافع عنه وتحميه من شر بيرل الذي كان معروف عنها عنفها اللامبرر له "تريدين قتله وجعلي أرملة كي تنتقمي مني يا ايتها الحاقدة!"

توقفت بيرل ولسانها مررته على اضراسها داخل فمها في حركة فك ملتوية وتخصرت فها هي من تتجنب النظر إليها قد ظهرت تدافع عن زوجها أخيرا "انتقم منكِ بجعلك أرملة؟ هه لا يا حلوتي ما بكِ يكفيكِ فلا اظن أن هناك أسوء من الزواج بهذا الرجل زائغ العينين، كل مرة ويظهر في وجهي" تقدمت بيرل نحو زوجته بخطوات متعالية ووكزتها من كتفها "خذي زوجك هذا فهو لا يكف عن الظهور في وجهي"

حدقت بها زوجة روميو ثم بأصبع بيرل وارتفع كلا حاجبيها من شدة غيضها وقالت "يظهر في وجهك هاه؟" ثم بلمح البصر تحول النقاش المدني بينهما إلى آخر ذو مستوى وحشي رفيع، فزوجة روميو جرت بيرل من شعرها تنوي كنس الأرض بها وتلك العذراء ردت عليها بالمثل إذ امسكت شعرها لكن مع اضافة ألا وهي ركلها.

"انا زوجي يظهر في وجهك هاه! سأعيد تربيتك فلا أحد تمكن من تربيتك يا عديمة الأصل!"

"بيرل! بيرل! بنيتي ستموت تحت يد تلك المجنونة! افعلوا شيئا وانقذوها!"

"تعيدين تربيتي انتِ! من سيعلم من الأخلاق يا حقيرة! لما لم تربي نفسك عندما قمتي بخيانتي هاه! لكن مشكورة لك فلقد خلصتني من الغبي ذاك!" صاحت بيرل في نهاية حديثها وافلتت من قبضتي الزوجة المقهورة لتسألها "أخبريني أمارا ما شعورك وانت في كل ليلة تعاشرين القمامة التي ألقيتها؟" تبسمت بيرل بنصر لما رأت وجه أمارا يتبدل ولم تفطن بأمر الزجاجة التي كسرت على رأسها إلا بعد فوات الأوان.

"آهه! يا حقيرة!"

"بيرل!" صاحت الجدة لما رأت خيطا أحمرا يسيل على طول جبين ابنتها والمثير للشفقة أنها كانت الوحيدة القلقة عليها في حين أن البقية كانوا مغتاظين فلقد افسدت زفاف شقيقتها ولم يعد للحفلة أي طعم..

"دوريان، دوريان يا بني تعال وخذ اختك من هنا!" نادت الجدة عليه حالما رأته وفمه كان ممتلئا بالحلوى فأين سيشاهد قتال فتيات كهذا في حياته مرة أخرى.

 تذمر من انتهاء الشجار ونفذ امر مدام ميلينا إذ قام بجر بيرل قبل أن تأكل ضربة أخرى فأمارا تلك الشرر تطاير من عينيها لما رأت زوجها قلقا على بيرل وليس مباليا بالخدش الذي شق وجنتها بسبب اظفر الحقيرة تلك.

سار دوريان بها عائدا للمنزل ولما وجدها تترنح في خطواتها ألقاها على كتفه فلا تضايقه في المشي "آه" تمتمت بيرل من شدة ألم رأسها "آهه!" واهتز صوتها لما وجدت في اصابعها لونا أحمر...

"جيد أني لم أراهن عليك عندما جمع نيكو مال الرهان"

"ماذا؟ يا أوغاد هل جعلتم شجاري السامي مكانا للربح!"

"شجار وسامي؟ يا امرأة اخجلي من نفسكِ كنتِ تشاجرينها على زوجها"

"خسئت! أنا لن أشاجر احدا على قمامة ولن أنظر لزوج فتاة فأخلاقي لا تسمح لي"

"حسنا يا آنسة 'اخلاقي لا تسمحي لي' اجلسي هنا وانتظريني سوف أجلب عدتي" أنزلها على الأريكة في غرفة الجلوس وبيرل لم تمانع الجلوس أبدا وألقت برأسها للخلف من شدة ألمه.

راقبته وهو يعود لها بحوزته حقيبة عدته وأخبرها أن تنزل رأسها وبيرل فعلت دون جدال فهي حقا بحاجة لكشف طبي، باعد هايدن بين خصل شعرها وقطب حاجبيه لما رأى شظايا من الزجاج قد غرزت في فروة رأسها "هل حقا كان الأمر يستحق دخولك في ذلك الشجار مع تلك المعتوهة؟ من يحطم زجاجة شراب على رأس أحدهم؟"

"إنها عديمة المبدأ منذ الولادة فلا تؤاخذها" تمتمت وراقبت الشظايا التي جمعها هايدن بالملقط ووضعها على المائدة حيث يجلس مواجها لها "كما لو أن زوجها لا يكفينا"

"لما دخلت شجارا كهذا وجعلتي من في الحفلة يشتمكِ" حادثها كي يشغلها عن الألم.

"لقد قام بإهانتي! مزاجي كان عكرا بالفعل وهو جنا على نفسه فلا ذنب لي، كنتُ سأسمح له بالذهاب لكنه تمادى"

"في كل مرة أرى جانبا جديدا فيكِ يا -أختي- وصدقيني لستُ مسرورا برؤية هذا الرجل الذي خرج من داخلك... إنه مقرف وهو يذكرني بشخص أعرفه"

تبسم هايدن بجانبية فمن يسمعها يقول أنها هايدن لكن بوجه وتضاريس امرأة، فرغ من جمع الشظايا ثم داوى جرح رأسها وهي تحت يديه كانت تشتكي من الألم الحارق "كفى إنه يؤلم! لا أريد المزيد!"

"اثبتي ولا تتحركي! انت لا تودين ان يتقرح جرحك وتعشعش الديدان فيه"

"هل تحادث مرضاك هكذا!"

"إن استحق الأمر فأجل واثبتي في مكانك قبل أن اشتمك!"

عاودت بيرل الصياح لما أحرقها المطهر، كانت بيرل تشتكي وهايدن تنهد براحة فجروحها لا تستدعي الخياطة فكيف عساه يخيطه لها ولا مخدر في حوزته لذا ختم عمله بتضميد رأسها وهي راقبته من أسفل أهداب عينيها. لما ختم عمله هي عادت بظهرها للخلف أخيرا وأراحته ضد الأريكة تراقبه وهو ينهض من أمامها متجها نحو الشرفة وسيجارته بين شفتيه أشعلها.

"انتَ كثير التدخين على غير عادتك، فعمي ماتياس أخبرنا في يوم وهو يفرط في التدخين أن ابنه رجل لا يدخن ابدا"

شعر هايدن بارتباك لذا قال دون النظر إليها وظهره مواجه لها "الناس تتغير"

"معكَ حق في هذا، تماما ك -أمارا- تلك وزوجها البغيض"

"دعيني اخمن، كان روميو عشيقك لكن صديقتك المفضلة سرقته منك"

"كنت سأقول أنك محق لكن روميو ليس عشيقا لي إنما هو شخص مزعج كان يستمر بقول وعود عن الزواج وكنت اشتكي لها من ازعاجه، فهي كان أقرب الفتيات لي في القرية... كنت أبوح لها بجميع أسراري"

"إن كنتِ غير مهتمة به فلما الشجار عليه؟"

"لم اتشاجر لجمال عينيه، كما اخبرتك سابقا هو قام بإهانتي وهي دافعت عنه لذا لم اجد مانعا من ضربي لها ولو أمكنني لضربته أيضا لكن ما بيد الحيلة سقطتُ جريحة بين يديك"

"كم تبلغين من العمر يا امرأة؟" استند بكتفه ضد إيطار الشرفة

"سأصبح في الخامسة والعشرين في بداية الخريف، لما تسأل؟"

"كنت انتظر أن تقولي في الثامنة مثلا فهذه الاعصاب الحامية أمرٌ شائع في اليافعين"

"أعصاب حامية؟"

"حسنا.. كنت سأقول شيئا آخر اوثق به استنتاجي لكن ليس من شيم الرجال التلفظ بعبارات نابية أمام النساء" اومئ هايدن نهاية حديثه فهو لم يكن أبدا قادرا على اخبارها أن عمرها اكبر من اثدائها اللذان كانا يبدوان لفتاة يافعة وهذا الاستنتاج توصل إليه عندما اخرجته من النهر واستلقت إلى جواره تجمع انفاسها.

حدق بها مستذكرا الوقت الذي مضى بينهما، خلافاتهما فيه لم تنتهي أبدا لدرجة أنها هددته بسكينها في يوم لكنها الآن هنا ماكثة أمامه تحادثه والأسواء من ذلك تحادثه كما لو أنها تعرفه منذ زمن، لم يكن الأمر سيئا بالنسبة له خشية أن تكشفه بل سيئا من ناحية أنه بدأ يعتاد عليها ويا ويلته إن تعلق بها.

فهي قابلة وبشكل غير معهود لأن تُحب، وفي نفسه أيقن أن دوريان لو كان حيا وزار هذه القرية لوقع في غرامها من أول نظرة ولأحبها لدرجة الزواج لكن هايدن هنا توصل لسؤال غريب ألا وهو...

ما بال هذه المرأة لم تتزوج كبقية أقرانها...

بالطبع هذا كله دار بينهما ولم يشعر هايدن ابدا بتلك العينين التي تراقبهما




عن الكاتب

إليناز كاتبة سابقة في تطبيق الواتباد و لي من الاعمال الكثير اشهرها الجميلة و الوحش في الشقة المجاورة, القرية خلف سكة الحديد و روميو و الوحوش في السرداب كذلك قصص سابقة مثل الغراب و الرداء الاحمر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

illynaz