illynaz illynaz
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة

حدث ذات مرة في سانتا كولوما النهاية





 النهاية

جملة كارمن الأخيرة تلك بترت عزيمة رامون، فلم يعد به طاقة للمحاولة معها، بعد أن بذل لأجلها من المجهود الكثير، فهو لهث خلفها منذ الصغر ولم يعد بوسعه أن يلهث خلفها أكثر من ذلك.

فإن فعل، سيكره نفسه للأبد ولن يسامحها...

"حسنا إذا... إني ذاهب" افلت يدها ونهض من أمامها ثم ول ذاهبا وفتح باب غرفة المعيشة ليجد الطباخة والخادمة يسترقان السمع.

تنحيا عن طريقه بوجه محمر من شدة الخزي لكن رامون لم يعرهما ذلك الكم من الاهتمام وانصرف مغادرا المنزل..

انتظرت الطباخة رحيله ثم على الفور ولجت مع ابنتها لغرفة المعيشة كي تتفقدا حال كارمن وبالطبع كي تعرفا المزيد..

تنهدت كارمن بقلة حيلة حينها واكتفت بالافصاح عن رغبتها في النوم، بالطبع قامتا بتلبية رغبتها وبعد ان صعدت كارمن السلالم لغرفتها باشرتا بالحديث كل واحدة منهما تعطي رأيها من هول ما سمعت...

ولجت كارمن لغرفتها وأدارت المفتاح في القفل كي تتأكد من عدم دخول احد ومقاطعة عزلتها. خارجيا هي اكتفت بالاستلقاء وجر الغطاء عليها ثم اغمضت عينيها وفي داخلها الحروب والمعارك كانت قائمة بلا توقف.

والأمر ذاته كان يشمل رامون فلقد كان هادئ الوجه يقود فرسه عائدا ادراجه لمنزله وفي داخله طبول الحرب لم تتوقف ابدا عن التصعيد...

اقترب بفرسه من ارض قصره والحراس الذين لمحوه ابلغوا الكونت الذي كان عند البوابة يسير ذهابا وإيابا منتظرا عودة ابنه وحالما رآه اشتدت تعابير غضبه واعتصر على ذراع رامون "كيف لكَ أن تفعل هذا بي! تحرك حالا فالجميع ينتظرك"

جر الكونت ابنه نحو القاعة الكبيرة حيث كان الجميع ينتظر ومنهم من غادر "لقد وصل أخيرا فسامحونا على التأخير" اعتذر الكونت من ضيوفه ثم خلسة دفع ابنه كي يتقدم نحو ليلي التي كانت ترتدي الأبيض من رأسها حتى اخمص اصبعها.

سار رامون مكرها على السجادة الحمراء فوقف إلى جوار ليلي وجثا على ركبتيه معها، فبدأ كبيرهم بقول موعضة قبل تلاوة العهود..

كان رامون جامد التعابير وليلي الى جواره سحبت انفها كل حين من كثرة بكائها وهي تنتظر عودته فلقد ايقنت انه فر هاربا لاختها وخشيت انه لن يعود ابدا.

لكن رؤيته وهو بجانبها أعاد لها بصيص أمل ومن تحت ستارتها البيضاء التي غطت رأسها واغلب بدنها، اخرجت اصابعها وبحثت عن يده لتمسكها، كي يشعر رامون بالمودة التي تكنها له فيهدأ ويفكر بها.

فطر رامون قلبها لما خلص يده من اصابعها لكن ليلي كانت مصرة واحكمت الامساك على يده تعتصرها..

انتقل رامون ببصره لليلي يحملق بها، لا يصدق ان حياته بل وعنقه ستكون بيد اكثر امرأة ينزعج منها، فجمالها وحُسنها لم يجذبه منذ الطفولة ابدا كما كان يفعل بباقي اصدقائه. إنما كان يراها دوما مجرد فتاة مدللة، بفمها ملعقة من ذهب، لم ترى أي مشقة في هذه الدنيا.

"سنيور دي لا سييرفا... يا سنيور... حضرة السنيور، عليك قول جزءك من العهود الآن"

زم رامون شفتيه بضيق ومن جانبه والدته همست له بالعهود لربما لم يقم بحفظها.

فهز رأسه نافيا وقال "لا أريد"

"ماذا؟"

"انا لا أرغب بها ولا ارغب بهذا الزواج" قال هذه المرة بصوت جهوري يسمع الجميع فهو لم يكن مستعدا لخسارة حريته من بعد أن خسر من كان يريد.

احتقن وجه الكونت لرؤية ضيوفه منزعجين، منهم من ظن انها مزحة سخيفة ستنتهي ومنهم من احتج مهينا عائلة دي لا سييرفا على تربيتها مثل هذا الابن المدلل.

"رامون! ما الذي تقوله يا بني، قم بتلاوة العهود حالا فهذا ليس مكانا لإلقاء النكات!"

زجرته والدته لكن اجابها بانه لا يمزح ثم نزل من على السلالم الثلاثة وقرر الرحيل عائدا ادراجه لغرفته بعد ان تجاوز والده الذي وقف مكتوف اليدين، فابنه قد كسر كلمته ولم يترك أي اعتبار لاسم العائلة...

"رامون! رامون انتظر!"

هذه المرة ليلي من نادته فاستدار خلفه ووجدها تلحق به بثوبها الأبيض، كشفت عن وجهها ليرى دموعها التي اغرقت عيناها. اقتربت منه متشبثة بيديه وقالت "لا تفعل هذا بي، انتَ لا يمكنك رفضي والتخلي عني بعد وصولنا لهذا الحد"

"كيف أتخلى عنكِ وأنا لم اتمسك بكِ منذ البداية؟ اسمعي ان كان هناك من تريدين محاسبته فهو الكونت بنفسه" سحب يده منها وهم بالرحيل فنزلت راكعة على ركبتيها تتمسك به.

"وإن لم تتمسك بي، يمكنك الامساك بيدي في هذه اللحظة كي نبدأ حياتنا... انت لا تفهم شيئا، والداي رفضا كل من دق بابي رغبة فيك انتَ ومن بعدك كيف لي أن أرضى بغيرك.. لقد ضاع من عمري الكثير لأجلك فلا تدر ظهرك لي الآن سنيور رامون!" اجهشت ليلي بالبكاء ومن بين شهقاتها قالت "أسرتنا لن تتحمل عارا بعد العار الذي جلبته كارمن بسمعتها"

"يستحسن بكِ حسابُ كلامك أمامي ايتها العامية!" زجرها كي تحسن من ألفاظها عن اختها فصعقت ليلي من قوله وهذه المرة وضعت جبينها على السجاد تترجاه بأذل الطرق ألا يتركها ويحرمها اللقب الذي تمنته منذ الطفولة..

"أرجوك سنيور رامون، تزوجني وأعدك اني لن أقيد حضرتك... سأتغاضى عمن تقابل وعمن تشاركه السرير، ولو كانت اختي لذا من فضلك لا ترد طلبي!"

استنكرت ليلي عدم اجابته ولما رفعت رأسها وجدته قد ول في طريقه بالفعل فنادت عليه بقهر ويأس "فقط اجبني لما هي وليس أنا! ما الذي تمتلكه كارمن ولا املكه أنا! اخبرني حالا ما الذي ينقصني كي تهجرني بهذه الطريقة البشعة في يوم زفافي!"

سؤالها هذا اوقف رامون وتذكر كيف سأل ذات السؤال المهين للكرامة، فمن شدة بؤسه حينها هو وضع نفسه في مقارنة مؤلمة وكارمن لم تتعنى الاشفاق عليه عندما وصل لهذه النقطة إنما حطمته واستمرت بتحطيمه حتى لم يتبقى منه قطعة كي يهديها إليها.

"لا تفهميني خطأ يا ليليان فلم تكونِ موجودة ابدا في مرمى بصري كي اقوم بهذه المقارنة، هل تذكرين في طفولتنا عندما كنت اقصدك، فاجر شعرك وامزق الدمى خاصتك؟ لم افعل تلك الافعال كرها او حبا بكِ، كل ذلك إنما كان لجر قدم اختكِ فتأتي"

"وبخصوص افترائكِ علي، سأتغاضى عنه بسبب قرابة الدم بينكِ وبين كارمن، لكن إن تجرأتِ على تدنيس اسم الكونت وورثته مجددا فحسابكِ سيكون عسيرا، لذا إياكِ ونسيان مقامكِ"

أبلغها محذرا وول مغادرا تاركا إياها تجهش في البكاء، فهو لديه عقاب عسير سيستعد إليه لذا قام بالاحماء محركا كتفيه في حركات دائرية فظهره هذا سيشب فيه حريق دامي بسبب تلك العصى التي ستنزل عليه بقوة هذه الليلة.

وبعد أن غادر الضيوف، مشى الكونت في الردهة قاصدا غرفة ابنه وخادمه كان خلفه يسير وفي جعبته صندوق خشبي.

ادار الكونت مقبض الباب وكشف عن ابنه الذي كان في انتظاره، انتقل رامون ببصره نحو الصندوق ثم نحو والده فقال الكونت "الليلة انت ستتوب عن جميع ذنوبك رامون"

"هذا ما آمله أيضا"

فتح الخادم الصندوق يكشف عن عصى طويلة ذات نهاية رفيعة فلوح بها الكونت يمرن معصمه وقبل أن يرفعها اغلق الخادم باب الغرفة يمنع أي احدٍ من اختلاس النظر....

بؤس تلك الليلة عم على كلا الأسرتين فالسنيور غارسيا تملكه المرض من شدة حزنه، فلقد باع حداد والدته بسعر زهيد مقابل فرحة ابنته الحبيبة لكن فرحتها لم تتم، فخسر فرحة ابنته واحترام والدته الراحلة.

وبالطبع ألقى اللوم على كارمن حالما وقع بصره عليها حينها وعنفها بشدة، للدرجة التي فقد توازنه فيها وأغشي عليه لذا من بعد تلك الحادثة هو لم يغادر غرفته بسبب صحته التي تدهورت.

أما عن ليلي فمن شدة العار هي حرمت نفسها لذة الطعام وامتنعت عن الخروج فلا يراها أحد ويُسمعها قولا جارحا،  لذا لم يكن بوسع والدتها سوى اخذ ابنتها والسفر معها الى دار الخالة، في بلدة بعيدة عن سانتا كولوما كي تستعيد ذاتها ولربما تجد لها عريسا هناك لا يعلم بأمر خيبتها.

هل هدأت الأمور عند هذا الحد؟ بالطبع لا فالمربية حقدها على كارمن كان شديدا ولم تتحمل رؤيتها تمضي في حياتها بلا عقاب واختها المسكينة معرضة عن الطعام في بلدة بعيدة عنها..

فما كان منها سوى الانتقام ومكيدتها كانت ان اعادت فتح الدفاتر العتيقة فهي لها فكرة قديمة عرضتها مرات كثيرة على السنيور غارسيا ألا وهي إرسال ابنته لمكان بعيد عن اختها المسكينة..

في السابق كان دوما ما يرفض اقتراحها فمهما كانت كارمن ذات خلق دنيء لم يطاوعه قلبه ان يرسلها بعيدا لكن هذه المرة تمكنت المربية من اقناعه وعرضت عليه أن يزوج كارمن بحفيد من احفاد الجدة كاترينا.

وقد كان رجلا يدعى سيباستيان يكبر كارمن باحد عشر عاما وما جعله زوجا مناسبا لها هو عدم امتلاكه أي اطفال من زوجته الهاربة.

"سنيور خوليان، أعدكَ أن حضرتك لن يندم على هذا القرار، فما وافقت عليه هو عين الصواب لحماية ابنتك الصغيرة من بطش أختها وطغيانها... فلقد تعدت كارمن على ممتلكات اختها سابقا وها هي أغوت ابن الكونت وافسدت الزفاف، إن عادت ليليان بزوج جديد فليس ببعيد أن كارمن ستفسدُ عليها راحتها مجددا"

تنهد سنيور خوليان واكتفى بالهمهمة، فالكحول أذهبت عقله ولم يكن مستوعبا لما تقوله المربية وما دفعه للتوقيع على تلك الوثيقة، هي عواطفه الجياشة تجاه ابنته الصغيرة.

لم تكن المربية بريئة بلا ذنب حينها فهي قد تقصدت القدوم إليه في أشد أوقاته صعوبة وأقنعته بل وخدعته، فعوضا عن توقيع وثيقة زواج هي جعلته يوقع على وثيقة استعباد.. 

هكذا غادرت السنيورة كارمن دراها مُكرهة بلا رجعة ولم يكن بوسع خادمتها ماريا سوى النحيب فما هي بفاعلة إن كانت مجرد خادمة لا يُسمع رأيها ولا يُسمح لها بالحديث؟ 

وفي يوم مشمس حار نزلت ماريا السوق، في جعبتها سلتها كي تشتري مستلزمات المطبخ، فالسنيور من بعد سفر حرمه وابنته ورحيل كارمن انفجر عليها وعلى أمها فبات شرها لا يتوقف عن الإفراط في الطعام والشراب..

"انتِ يا امرأة، انتظري عندكِ!"

اصيبت ماريا بالهلع عندما استوقفها احدهم، وعلى الفور تفقدت سلتها، خشية أن تكون وضعت فيها شيئا ونسيت دفع ثمنه، فالتفتت للصوت المنادي "المعذرة لكن دفع..." لكن الكلمات علقت في جوفها، حالما رأت فرسا أدهم اللون، أصيل النسب ومالكه الذي يمتطيه ذو حسب ونسب مثله؛ فلقد كان السنيور رامون بشحمه ولحمه.

"حضرة السنيور! أغفر لي ذنبي فلقد كنتُ شاردة و..."

"أين هي صاحبتك؟" قاطعها وفي صوته قسوة غير معهودة.

"آه؟"

"أسألك عن مالكتكِ كارمن، هل هي في الأرجاء هنا؟" جاب رامون ضواحي السوق بعينيه بحثا عن كارمن.

"سنيورة كارمن ليست معي يا سنيور رامون" انحنت ماريا له خشية أن ترفع رأسها فتقلل من احترامه.

"أوصلي لها رسالتي إذا، أخبريها أني سأغادر البلدة قاصدا العاصمة، فلا داعي لتحبس نفسها في المنزل وتوصد الأبواب، والآن نهار سعيد" اخبر ماريا فمنذ تلك الليلة وهو لم يلمح طرفها لذا رجح انها انزوت في منزلها خشية لقائه...

ورسالته هذه كانت آخر شيء قد يقدمه لكارمن، فلقد عزم على الرحيل تاركا خلفه ميراثه واسم عائلته..

حث رامون فرسه كي يتحرك وقاده إلى أطراف البلدة بصحبة كلابه الأربعة وعلى ظهر الفرس حمولة فيها من أمتعته القليل.

رفعت ماريا رأسها، غير مصدقة أن ابن الكونت سيدير ظهره ويغادر بعد الخراب الذي احدثه في دار غارسيا، فأغرقت عيناها بالدموع وقد مر طيف سيدتها وهي تجرُ بعيدا عن منزلها بسببه وبسبب ألاعيبه فلحقت به ومن الطريق التقطت حصاة.

"توقف! توقف أيها السنيور ولا تهرب!" لحقت ماريا به نحو أطراف البلدة حيث البساتين ممتدة ونادت عليه بحرقة تستوقفه.

سمع رامون ندائها وكلابه توقفت قبل فرسه، كاد رامون أن يسألها عن سبب ندائها فإذا بحصاة تلقى عليه لكن رميتها لم تكن بتلك القوية فلم تصل إليه ولم تصبه "ما بكِ يا امرأة؟! معتوهة انتِ مثل صاحبتك؟!"

"خسئت! المعتوه الوحيد هنا هو انتَ هل تفهم! ولست أبالي إن كان لساني سيقطع أو أن عنقي سوف تطير!"

استنكر رامون صياحها فلا مبرر لتطاولها عليه.

"رسالتك تلك لن تصل لسنيورة كارمن! لأني لن أستطيع اخبارها بذلك، فهي لم تعد مالكتي!"

"ما الذي تتحدثين عنه؟ هل تم بيعك لشخصٍ آخر؟" سأل رامون بشك فكارمن لم تكن لتسلم خادمتها المقربة لأحد.

"لا! بل سنيورة كارمن هي التي رحلت!"

"ماذا؟! تحدثي ولا تماطلي ماذا اصاب كارمن!" تلك القسوة في صوته سقطت لمجرد ذكر اسمها وبلهفته المعهودة هو سأل عنها.

"إنها غلطتك انتَ، قالو عنها ماكرة! فاجبرت لتذهب مع آخر!" انتحبت ماريا لكن المعدن الحاد الذي نُصب ضد عنقها أخرسها، فلما رفعت بصرها وجدت السنيور قد وجه سيفه نحوها "تحدثي بلا بكاء فإني غير قادر على فهم حرف مما تقولين!" 

تجرعت ماريا حلقها وتوقفت دموعها على الفور حالما رأت حدة السيف وجدية سنيور رامون فحكت له كلما تعرفه عن تلك المكيدة التي حاكتها المربية العجوز، إذ خدعت سنيور خوليان الذي فقد رشده في الآونة الأخيرة وسلمت كارمن بوثيقة موقعة لذاك الرجل كعبدة ذليلة يقتنيها لا كزوجة يصونها.

لم تلبث ماريا أن انهت حديثها إلا ووجدت نفسها على ظهر الفرس، جالسة خلف السنيور رامون الذي أمرها بأن تدله على الطريق، فذلك الرجل كان من سكان بلدة سانتا كولوما ومنزله الكبير بني فوق تلة من تلالها العالية.

فلقد كان رجلا ذو ثروة وفي كل زاوية من زوايا منزله اقتنى قطعة ثمينة من مختلف البلاد ومن بين مقتنياته كانت كارمن هي القطعة البشرية ذات الجذور الاسبانية.

"مازلتِ مصرةً على وحشيتك تلك؟ اخبرتكِ عن كرهي الشديد لكل ما هو غير منظم ومطيع وحكيت لك عن كلبي، الذي قتلته بيدي هاتين لمجرد أن عظ يدي فما بالك لا تتعظين؟" تقدم سنيور سيباستيان والذي كان يبلغ من العمر واحد وأربعون عاما من كارمن الماكثة فوق الفراش.

وما يكسوها من ثياب لم تكن تدل على العبودية أبداً فلقد ألبسها أجمل الثياب وأسكنها في غرفة فسيحة ذات لوحات فنية وورودٍ كثيرة، بل ولكي لا تمل أعطاها الغرفة التي تطل شرفتها على بساتين آل دي لا سييرفا. 

لكن كارمن لم ترضى بكل هذا ولم تكن لترضى بهذا المريض الذي لطمها بقسوة لمجرد أن الملعقة وقعت من يدها ولامست الأرض تحت كرسيها.

"مُد يدكَ كي أعظها إذاً" رمقته من طرف عينها فتبسم ضاحكا وجلس على طرف الفراش، توجست كارمن منه خيفة وسحبت ساقيها لصدرها لكن سيباستيان جر قدمها من تحت ثوبها.

"ما بكِ تجرين نفسكِ بعيدة عني؟ ألم ترغبي بعض يدي قبل قليل أم غيرتي رأيك؟"

"سباست..." 

لم تكمل كارمن نطقها للأحرف فلقد لطمها لمناداتها اسمه بلا احترام "فقط سيباستيان؟"

"كفى!" صاحت به فرد عليها بلطمة أخرى.

"آه يا عزيزتي أما تعبتِ؟ إن كنتِ لا تبالين بجمال وجهكِ فأنا ابالي ورؤيتك على هذا الحال يفطر فؤادي" مسح على خصلها الداكنة ثم رفع  رأسها بأصابع حانية، كي تنظر إليه بعينيها النرجسية التي اعجب بها بشدة "اشتريتُ لكِ ثوبا جديداً لترتديه على الغداء، فتكونِ جميلة لا يضاهيكِ احد"

انحدرت عيناه لشفتيها ودنى برأسه كي يقبلها بجشع، لكن الضرب الشديد على الباب استوقفه. زفر سيباستيان انفاسه بضيق فهذا الوقت لم يكن وقت استقبال الضيوف وكم كره عدم النظام هذا. انتظر مجيء خادمه كي يبلغه بهوية ضيفه لكن صوتا جهورا صدح من الأسفل مناديا "كارمن!"

احست كارمن كما لو أن ماءً باردا يسكب عليها وانتقلت ببصرها لسيباستيان الذي حدق بها بدوره "كنتُ أخالكُ أرملة وحيدة"

هزت كارمن رأسها ويداها امسكت بمعصمه تترجاه ألا يقدم على فعل مجنون "ماذا هناك عزيزتي؟ افلتي يدي كي أذهب وألقي التحية على ضيفكِ أما سمعتيه وهو في الأسفل ينادي؟" حرر معصمه منها وخرج من غرفتها تاركا إياها تنادي عليه.

نزل سيباستيان السلالم بركيزة وهدوء، وحالما رأى ضيفه تعرف عليه، فكيف له أن يجهل هوية ابن الكونت "تحياتي لكَ يا حضرة السنيور" رحب به سيباستيان ورامون قطب حاجبيه مستنكرا السرور الباديَ على محياه "اخبرني ما سببُ هذه الزيارة المفاجأة، ليتك أبلغتني سابقا كي أجهز لك وليمة"

"لا حاجة لكل هذا سنيور غارسيا، أتيت إليك قاصداً إياكَ في حاجة. سمعتُ عن اقتنائك خادمة من أقربائك"

"هذا صحيح"

"وصلني بلاغ أن الوثيقة التي لديك تم التلاعب بها لذا اتفاقكما باطل لا صحة فيه"

"أوه حقا، لم يتم إبلاغي بهذا... إن كان لك رغبة برؤيتها فتفضل، تجدها في الغرفة على يدك اليمنى حالما تتسلق السلم" سمح السنيور له بالدخول والتصرف كما يحلو له فتسلق رامون الدرج مسرعا وفي نيته تخليص كارمن من ورطتها دون التفكير بحكمة.

ولج لأول غرفة في اليمين وحالما رأى كارمن جالسة على الفراش وعلى وجهها أثار العنف، هرع نحوها وجلس على مقربة منها "كارمن! آه يا كارمن ماذا حل بكِ" خشي لمس وجنتيها فتؤلمها.

"رامون! ما الذي أتى بكَ لهنا! ارحل حالا"

"اخبرتني ماريا بكل شيء ولا تقلقي حادثت ذلك السنيور، كل شيء سيكون على ما يرام فنحن سنذهب الآن" امسك بيدها يحثها على النهوض وحالما لامست قدماها الأرض صعق من الأصفاد التي قيدتها بساقِ السرير "كارمن؟ ..."

تبسم سنيور سيباستيان ضاحكا على سذاجة ابن الكونت وقال مستمتعا بما يشاهد "هل حقا ظننتَ أني سأسلمكَ إياها بعد أن دفعت لشرائها مبلغا من المال!" انتزع سيباستيان سيفه من غمده واستهدف رامون، لكن الآخر قد دفع كارمن لترتمي على السرير فمر السيف من فوقها.

تملك سيباستيان الضيق وهم بقطع عنق رامون فصده الشاب بسيفه وردعه لكن سيباستيان بمهارة غير مسار ضربته مستهدفا ساق رامون.

صاح رامون عندما خدش الحديد فخذه وعلى الفور رد الضربة بأن ألقى بالمزهرية على عدوه.

"رامون اهرب بجلدك ولا تبارزه!" حذرته كارمن وانتفضت حالما حاصر سيباستيان رامون بسيفه، فهو لم يكن قادرا على الحراك بحرية داخل هذه الغرفة التي كلما قرر مد قدمه فيها تعثر بشيء.

"أجل يا رامون كن حكيما وانصت إلى قول حبيبة القلب!" ركل سيباستيان رامون من معدته ليتعثر الآخر ويخرج من الغرفة نحو الممر. استند رامون ضد الحائط وحملق بوقفة عدوه الثابتة فسأله "انت فارسٌ من فرسان البلاط، أليس كذلك؟"

اتسعت ابتسامة سيباستيان كاشفا عن صف أسنانه وقال "اصبت التخمين يا ابن الكونت والآن اسمح لي بأن اعيدك لوالدك جسدا بلا روح!" اندفع سيباستيان ملوحا بسيفه نحو رامون وحالما أختفى الاثنان عن مرمى بصر كارمن، هي صاحت بهلع عندما وصلها صوت صليل السيف كلما تقابلا.

"رامون!" قلبها الذي ظنته ميتا كان شديدا في ضرباته حتى كاد يفر هاربا من صدرها، همت كارمن بالخروج لرؤيته لكن قدمها المربوطة بساق السرير منعتها عن الفرار فنادت "رامون!"

انتابها الذعر حالما سمعتهما يتحدثان بكلام شديد اللهجة وصاحت بعلو صوتها تحذره "رامون! أقلع عما تفعله واهرب حالا فهو رجل مريض!"

"لا!" لهثت كارمن انفاسها بقهر وصاحت من شدة عجزها، فلقد سمعت صوت التماثيل الخزفية في الممر تتكسر واحدة تلو الأخرى. وقعت كارمن منهارة وضربت على السلسلة تود قطعها لكن لما أدركت أن مجهودها لا فائدة منه هي نادت بعلو صوتها تترجاه "سيباستيان! سيباستيان أتوسل إليك لا تؤذيه!" 

"أرجوك دعه وشأنه فهو لا يعلم!" أجهشت في البكاء واشتد نحيبها "هو لا يعلم ولا ذنب له"

"أعدك! ... أعدكَ أني سأخدمك وسأطيعك بكل اخلاص ولن أعاديك!" صاحت تُسمعه وسط شهقاتها "سألتزم بكل حرف تقول!"

"اقسم لكَ أني لن أعاندك بعد الآن!" 

"سيباستيان، دعه فهو لا ذنب له!"

أنزلت كارمن رأسها لا تقدر على تحمل المزيد، فما أصابها ذكرها بالوقت الذي اعتدى عليهما عصبة من الفتية الكبار، آنذاك رامون كان مجرد صبي لا حول له ولا قوة، فشاهدها وهي يتم ضربها من قبلهم لمجرد أن دافعت عن كلبتهِ التي قتلوها.

والآن كارمن كانت العاجزة، فتلك السلاسل قيدت حريتها ومنعتها عن رامون.. ذاك الذي اضطر لمبارزة سياف ماهر من الفرسان.

اتسعت عيناها حالما سمعت صوت صرخة رامون، اندفعت ببدنها نحو الباب ولم تبالي بالسرير الكبير الذي جرته خلفها لكن لطاقتها حدود فسقطت أرضا ولم يكن بوسعها سوى النحيب.

"سيباستيان... سيباستيان أرجوك" تمتمت باسمه وجبينها فوق السجاد، أغمضت عينياها بقهر لما وصل لمسامعها خطواتُ أحدٍ أتي نحو غرفتها.

عضت شفتها بحزن على مصيرها وعزمت كارمن على الموت حينها، فهي لن تعيش من بعد خسارتها المشينة، ففي البداية فقدت جدتها والآن رامون قد قُتل بوحشية ولطخت دمائه البريئة سيف ذلك الوحش.

لذا رفعت كارمن رأسها وفتحت عينيها عازمة على اللحاق بأحبتها لكن أنفاسها حُبست، وفقدت مقدرتها على النطق لما رأت رامون واقفا أمامها ودمائه قد غطت مواضع كثيرة في بدنه.

"رامون.."

"آه! سحقا.." استند بكتفه السليم ضد إيطار الباب، ثم انزلق على طوله جالسا في محاولة واهية كي يلملم شتات نفسه من شدة تعبه.

عض شفته بقوة وهو يعتصر بقبضته كتفه الضرير ولما انتقل ببصره إليها رسم ابتسامة كي يخفف من هلعها "لما لم تخبريني أنه سياف من البد... " انتفض رامون من كارمن التي غلبت كل توقعاته وجرته من ياقته إليها فاخذته بين ذراعيها ورأسها جاور رأسه في عناق.

رف جفناه وهو يشعر باصابعها، توغلت بين خصل شعره ورغم ألمه عندما قبضت عليه هو احب هذا الشعور، أما عن يدها الأخرى فلقد اعتصرت على قميصه لدرجة ان غرزت اظافرها في ظهره.

كاد يغمض رامون عينيه، فهذه المرة الأولى التي تعرف فيها على النعيم لكن غصاتها منعته حينها أدرك أن ما سعي له قد جناه أخيرا ألا وهو جعل الأرملة الشرسة تذرف دموعها باكية.

انفطر فؤاده فلم يخيل له انه سيحزن مثل هذا الحزن وكيف عساه يفرح وهي ماكثة أمامه تجهش بالبكاء دون توقف "أنا آسف... أنا آسف بشدة، أرجوكِ اغفري لي"

دس وجهه في كتفها يطلب منها المغفرة وهي استمرت بذرف الدموع؛ حزنا عليه، شفقة على حالها وكعزاء لجدتها فهي منذ الدفن ولم تتمكن من ذرف دمعة واحدة لكنها الآن قادرة، لذا سمحت لنفسها ان تفصح عن مكنون قلبها بلا توقف وهو تأسف دون كلل أو ملل.

 "أيها الغبي" همست قرب أذنه ثم حررت وجهه وكوبت وجنتيه بكلا يديها، تحدق بالخدوش التي شقت طريقها في جلده. تجرع رامون حلقه فهو لم يكن معتادا على هذه اللمسات من كارمن وأمعن النظر بجفونها المحمرة وعينيها التي كانت تملع بسبب ستارة دموعها.

"كم انت معتوه، كيف تخرج سيفك هكذا في وجه من هب ودب دون تفكير، هل انتَ راضي بما اصابك؟ ماذا لو صنع بكَ أشد من هذا ومت؟ ما كنت بفاعلة حينها؟" وبخته رغم غصاتها ومشطت خصل شعره باناملها تجرها للخلف كاشفة عن جبينه حيث تواجد جرح جفت دمائه.

"لستُ افهمك يا امرأة، هل انتِ قلقة علي أم تقومين بتوبيخي؟"

اجبرها على التبسم فلقد افسد لها حزنها وقال يسألها "كارمن، أما حان الوقت لتكرمي هذا الجريح القابع أمامك وتهديه قبلة تشفي ألمه؟"

"فُكَ قيدي ولك مني ما تتمنى" عرضت عليه وهو رحب بالفكرة، فأدخل المفتاح في قيدها وأداره في القفل محررا إيها.

انتظر منها ما تمنى لكنها افسدت عليه فرحته عندما نهضت منهية هذه اللحظة العاطفية التي لم يكن منها داعي واخبرته ريثما تمسح اثار دموعها "انتَ ستكون فارسا شهما ولن تخبر أحدا عن انفلاتي العصبي هذا، أليس كذلك؟"

"شكرا لجعلي أدركُ كم أني رجل ساذج، ما بكم يا آل غارسيا، مرة يخدعني سيباستيان والآن انتِ" ألقى رامون برأسه على إيطار الباب متنهدا، فها قد عادت تلك السنيورة القادرة على مسح البلاط بكرامته وتمنى لو انهى سيباستيان على حياته فلا يخيب أمله هكذا خيبة.

أعانته كارمن على النهوض واخذت بذراعه السليم حول كتفها، فتوكئ عليها وخرج برفقتها من دار سنيور سيباستيان...

وريثما رامون يجر ذيول الخذلان من شدة خيبته، سألته كارمن عن والده إن آذاه بشدة عندما عاقبه على تلك الليلة، حينها حدق رامون بها لا يصدق أنها تسأل عن ألمه في حين أن الاثار على وجهها كانت دليلا يفضح قسوة يد أبيها عليها.

"كارمن... أنا... اسمعي قد شددت رحالي مسافرا إلى العاصمة"

"إنها بعيدة عن هنا... هل ستذهب بلا رجعة؟"

هز رامون رأسه نافيا، فهو كان يفكر بالرحيل منذ اللحظة التي اوقف فيها زفافه لكن كلمة بلا رجعة فطرت فؤاده كلما فكر أنه لن يرى كارمن مجددا فعرض عليها "تعالي معي، إن لي بيتا هناك سنقطن فيه وإن شئت اشتري لك خادمتك المقربة من أبيكِ"

"لكن كيف لي أن امكث معك تحت سقف واحد"

"انتِ لا تنتظرين مني التحلي بالكرم فأقول لنمكث هناك كرفيقين، كل منا له حياته المنفصلة وإن وجدتِ رجلا يروق لك فتزوجيه وإن عثرتُ أنا على امرأة فسأفعل المثل معها!" رفع رامون حاجبيه "بالطبع ستمكثين هناك معي وفي اصبعك خاتم يا سنيورة!"

"ما لي أراك واثقا هكذا؟"

"كارمن" قال رامون مستوقفا إياها "أخبريني أما حان الوقت لترضي بي؟" سألها واصابعه وصلت ليدها فقبلها يدعوها أن توافق عليه.

أما جواب كارمن فلقد لقيت نتيجته بعد سنتين، عندما وجدت نفسها تصيح بعلو صوتها في فراش واسع ومن الجانبين يداها كانت تحكم بقبضة شديدة على خرق قماش معقودة بأعمدة السرير.

"سنيورة، من فضلكِ تماسكي!" ترجتها ماريا ومن الجانب الآخر والدتها ماكثة إلى جوار كارمن تحثها على الدفع وعدم التوقف "اجمعي أنفاسكِ فلقد بقي القليل!"

"آه!" ألقت كارمن برأسها للخلف تلهث أنفاسها، فالموت أهون عليها مما تمر به "أنا سأقتله!" شهقت بألم وصاحت "أنا سأقتله وأبيده من على وجه الخليقة ذلك الملعون! جعلني احمل ثم فر هاربا مع اصحابه!" 

أغرقت عينا كارمن وعاودت الصياح تدفع بكل ما لها من طاقة وعلى كلا الجانبين خدمها كن حاضرات بمناشف دافئة والقابلة بين ساقيها تنتظر.

توقفت مجددا تجمع انفاسها وهذه المرة دست ياقة ثوبها لفمها كي تعض عليها ودفعت بقوة حتى شعرت بأن عينيها ستقفز من مكانها لكن معاناتها انتهت حالما سمعت بكاء رضيع قد صدح في أرجاء الغرفة.

"آه..." أغمضت كارمن عينيها بوهن ومسحت خادمة العرق الذي تجمع على جبينها وعنقها "آه.. أين هي؟"

فتحت عيناها بتعب تأمل أن تراها لكنها استنكرت حال الخادمات يقفن وأيديهن خاوية فصاحت "أين اختفت؟!" كادت ان تنهض من على فراشها فأعادتها والدة ماريا لتستلقي وقالت "لقد اخذته ماريا ويا سنيورة إنه ولدٌ سليم، معافى البدن"

"وأنا التي تمنيتها فتاة... لكن اخبريني لما قد تأخذ ماريا ولدي؟ هل به شيء؟"

"سنيورة، إن مولودكِ بخير... حضرة السنيور رامون هو من طلب منا أن نأخذه ليراه"

"رامون؟ ألم يذهب ذلك الخائن مع رفاقه من الفرسان في تلك المهمة الوضيعة قبل شهرين؟"

"سنيورة... لقد عاد السنيور وهو في الأسفل برفقتة بقية الكتيبة" زمت والدة ماريا شفتيها من عدد الفرسان الكثير في الأسفل ثم فجأة اندلع صوت صياح الرجال وتهانيهم الحارة لزميلهم رامون بأول مولود له.

"رباه! هو حقا جلبهم معه" تنهدت كارمن بقلة حيلة لكنها وفي داخلها تبسمت برضى لحضور ذلك الجمع وفرحتهم بابنها، ودعت داخلها ألا يعيش وحيدا فيقسوا قلبه مثل قلبها.

فهمت كارمن مقصد جدتها أخيرا عندما كانت تتوسلها ان تكف عن صنع العداوات وتمد جسور الود، لقد خشيت عليها من أن تسلك كارمن نفس الطريق الموحش وها هي كارمن الآن تدعوا ألا يتخذ ابنها نهجها ونهج جدتها.

فالفردية لم تكن حلا، لا لها ولا لزوجها ففي البداية عانى رامون في عمله الجديد لكن رسالة توصية وصلت رئيسه من والده، يبلغهم فيها أن رامون دي لا سييرفا هو كونت ابن كونت، لذا تم ترقيته على الفور فلو لم يحمل اللقب لكان في أرذل الأماكن ولعانت كارمن معه من المشقة إلا أن والده قرر أخيرا دعمه، على شرط ألا يتخلى عن ورثه... فمن عساه يدير تلك الأراضي والبساتين غيره. فجميع ابنائه لم يكن لهم فطنة في التجارة والزراعة.

ورامون لم يرد طلب والده.

أما عن أسرة غارسيا فلقد طرد سنيور خوليان المربية شر طردة، من بعد مكرها بابنته ولم يكن بوسعه الظهور أمامها من شدة خزيه فاختبأ خلف هدايا يرسلها بانتظام عسى ولعل أن يكفر هذا عن ذنبه..

لكن ليليان، اختها الصغيرة لم تظهر ولم تراسلها أبداً من بعد رحيلها ولو لا خطابات أبيها لما علمت كارمن أن اختها تزوجت أخيرا ومن ميغيل فمكثت معهم في تلك البلدة..

اغمضت كارمن عينيها تبتغي الراحة لكن باب غرفتها انفتح فولجت ماريا وعلى وجهها تعابير التوتر فقالت "ممم... سنيورة كارمن..."

"ماذا هناك؟" سألتها كارمن والتعب بادي على صوتها.

"سامحيني لنقل هذا الخبر لكن رغبتك بتسمية طفلك لن تتحقق فلقد سماه قائد الكتيبة بنفسه... ابشركِ لقد وهبه اسمه"

"ماذا؟!" استندت كارمن على مرفقيها من هول صدمتها "آه منك يا رامون!" دحرجت عينيها من ذلك الرجل الذي وهب حق التسمية لرب عمله لا لها.

"وما هو اسمه! تحدثي" 

"باتريسيو..."

عضت ماريا شفتها واغمضت عينيها فزعة حالما سمعت صراخ كارمن.

لكن حزن كارمن لم يعد له نفع، ففي الأسفل مُنح المولود الاسم وبات الفرسان ووالده ينادوه ب..

-باتريسيو جونيور- 


عن الكاتب

إليناز كاتبة سابقة في تطبيق الواتباد و لي من الاعمال الكثير اشهرها الجميلة و الوحش في الشقة المجاورة, القرية خلف سكة الحديد و روميو و الوحوش في السرداب كذلك قصص سابقة مثل الغراب و الرداء الاحمر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

illynaz