illynaz illynaz
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة

القصر فوق السحب وأسفل القمر الفصل السابع

 




الفصل السابع

زقزقت عصافير الصباح وتسابقت فيما بينها تلاحق لقمة يوم جديد، من غصن الى غصن قفزت ومن شجرة الى أخرى قصدت بتعجل، فالرياح العاتية جاءت دون دعوة مسبقة إذ اخذت معها كل ما اتى في طريقها، حتى ظنت الاشجار انها ستفارق ارضها لولا جذورها السميكة، فالريح مرت بهم مسمعة اياهم معزوفة مخيفة كلماتها مؤلفة من 'فوووو'

تلك الريح منبعها كان الشرق و وجهتها الغرب وبكل بجاحة اخذت ما يحلوا لها وبعثرت ما اعترضها دون تعاطف حتى مع هؤلاء الثلاثة الذين قضوا ليلتهم في العراء.

طار حطبهم وتبعثرت امتعتهم وكادوا يطيرون مع الريح، لدرجة ان إليا دُفع الى الامام رغما عنه مستيقظا من نومه كحال إيفان وسيدة القصر. سارعت السيدة بإمساك القفطان قبل ابتعاده وعجزت عن الالتفات الى البقية تسألهم عن حالهم فكل واحد فيهم كان يعاني في مواجه الريح العاصفة والسيد حِمار علا نهيقه.

"إيفان! يا إيفان ما نحن بفاعلين؟! انها عاصفة ذات سحب سوداء لم أرى مثلها قط!" واجهت السيدة الريح بصعوبة ولما دققت النظر في تلك السحب، التي تعلو احداها الاخرى تحجب اي اثر للنور كما لو ان المساء اقترب، سقط قلبها في أخمص اصبعها لما وصل الى مسامعها ضربة جناحين اتية من بعيد مدركة هوية القادم؛ ان اخوتي قادمون!

"اخوتك؟!" استنكر إليا حديث السيدة وتملك الرعب إيفان، الذي لم يدع لهما متسعاً للتفكير الا وأخذ بأيديهما بعيدا عن تلك الوحوش التي ستحول الاخضر الى يابس. تحرك الثلاثة مع الريح، تارة يسرعون وتارة بالكاد يخطون خطوتهم التالية من شدتها حتى اقتربوا من قرية تقع في اطراف البلدة.

قطرة لحقت بها اخرى انهمرت على رؤوسهم، يليها هطول غزير للمطر جاعلا من اليابس تحتهم طينا وثيابهم التي تكسوهم تبللت كمن سقط في بحيرة وخرج. كان البرد شديدا عليهم لذا طرقوا ابواب البيوت يرجون سقفا يحميهم من المطر وإن كانوا محظوظين فنار تبعد عنهم برد هذا اليوم، إلا ان الرفض هو كل ما قابلهم فمن ذاك العاقل الذي سيشارك مسكنه مع غرباء في وقت يعجز فيه المرء عن مشاركة لقمته.

"ارجوكم افتحوا لنا فما نحن بضاريكم!"

ضرب إيفان على باب أحدهم يترجاه ان يدخلهم وانضم إليه إليا يضرب بقوة على الباب؛ افتحوا لنا فالبرد شديد علينا!

"ابتعدوا فإني لست بمدخلكم وان لم تفعلوا فسوف أطلق عليكم كلابي التي لا ترحم!" صاح بهم الرجل من الداخل يهددهم وكلابه تنبح بشراسة، أحس إليا بالفزع وجر معه إيفان يبعده ولما رأى إيفان سيدة القصر ترتجف من شدة البرد عاود الضرب على الباب قائلا؛ لا تدخلنا لكن ادخل المرأة التي معنا!

"ارحلوا!"

تنحوا عن ذلك الكوخ وقصد إيفان كوخا آخر عازما ليتبعاه ومن باب الى آخر تنقلوا، حتى وصلوا الى كوخ صغير، مهترئ الحال ولو لم يروا الضوء المنعكس من النوافذ لظنوه مهجورا.

اقترب إيفان من ذلك الكوخ راجيا إياهم ليدخلوهم؛ ا يوجد أحد؟! من فضلكم أدخلونا فالبرد قاسي ولا نملك ما يقينا المطر!

فزعت امرأة عجوز من ذلك الضرب الشديد على بابهم القديم وابلغت زوجها أن يرى الطارق ليقترب الاخر وهو يعرج بينما هي كانت منحنية الظهر عاجزة عن الاستقامة من كبر سنها.

"من الطارق؟!" صاح العجوز وأشار لزوجته بالبقاء بعيدا خوفا عليها، لم يضيع إيفان وقته وترجاه؛ اننا عابروا سبيل، رجلان وسيدة قد بقينا تحت المطر بلا مأوى فافتح لنا الباب لهذه الليلة يا سيدي الطيب!

احست السيدة باقتراب اخوتها ولما رفعت رأسها الى الاعلى رأت ظلال وحوش ضخمة في الافق تقترب والريح اشتدت مع ضرب اجنحتهم "انهم قادمون الى القرية" ابلغت إيفان الذي ضرب الباب ضربا شديدا يترجاهم.

"اظهروا لنا بعض الرحمة فبرفقتنا سيدة حامل والتعب أهلكها!" اختلق إليا قصة كي يستعطفهم وبالفعل حضي بشفقة العجوز الذي عزم على فتح الباب فإن كانوا نصابين فما عساهم يسرقوا وهو لا يملك سوى موقد وقدر بالكاد يمتلئ بالطعام.

"ما انت بفاعل؟"

سألته زوجته ليجيبها بقراره وهو أن ادار المقبض لتندفع الباب بوجهه بفعل الريح ويلج الثلاثة الى منزله مع أوراق الشجر وأغصانه اليابسة وبصعوبة امسك إيفان بالباب ليواجه الريح ويهم بإيصاده باللحظة التي مر ظل مهول من فوقهم ثم تبعه ثمانية آخرون. كان قلب ايفان يضرب بسرعة لدرجة انه لم يفرق بين صوت زمجرتهم ودوي الرعد الذي هز الأرض بهم ليعم من بعدها صمت مخيف.

"لقد رحلوا" همست السيدة لما احست برحيلهم وبدنها كان ملتصقا بالباب الخشبي كحال الرجلين معها.

"هل أنتم على ما يرام؟ ثم أخبروني ما الذي تفعلونه في هذه القرية أيها الأجانب"

"لا تخف ايها العم، لن ترى منا شراً ثم كيف نمسك بسوء وقد فتحت لنا باب دارك في يوم عسير كهذا" تحدث إيفان وعرض عليهم العجوز الاقتراب من الموقد حيث النار دافئة؛ عزيزتي انظري في الداخل إن كان لنا ما يكسوا هؤلاء الثلاثة من البرد فتلك السيدة الموقرة حامل كما ذكر ذلك الشاب.

اتسعت عينا سيدة القصر لما أدركت مصيبة الكذبة التي اختلقها إليا، اخذت زوجة الحطاب بيدها الى غرفة وقالت؛ اخفضي رأسك عند عبورك وتعالي لتبدلي ثيابك وتجففي شعرك يا بنيتي.

اخفضت سيدة القصر رأسها لما دخلت الى غرفة سقفها كاد يلامس رأسها وكل ما رأت فيها اغطية مطوية فوق الأخرى وخزانة خشبها منخور، لم يكن هذا ما أفزعها اكثر بل جدار الغرفة الذي تصبغ بالأسود من دخان الموقد وبقع عفن خضراء بارزة اصابتها بالغثيان.

"امسكي يا ابنتي" لم تتعب زوجة الحطاب نفسها بفتح باب الخزانة فأحدهما كان مركونا ضد الحائط بالفعل وسحبت ثوبين أحدهما لإيفان والآخر لإليا؛ اعطي الثياب لرفيقيكِ

"ماذا؟"

"لقد قلت اعطي الثياب لهما، ما بك تحدقين بي دون حراك؟ ألا تسمعين؟" سألتها العجوز بحيرة فسيدة القصر كانت بطيئة ليست بسريعة الحركة كباقي نساء القرية.

اعتصرت سيدة القصر على الثياب البالية لا تصدق انه يتم امرها بخدمة هذين الفلاحيين وبتغطرس اقتربت من الباب والقت الثياب ارضا قائلة؛ هذه لكما!

تعجبت زوجة الحطاب من حال سيدة القصر واعارتها ثوبها الوحيد ولأن سيدة القصر كانت اطول قامة فلقد كان الثوب يصل لفوق كاحليها. حدقت بالقماش ذو الخامة الرخيصة بينما ازالت دبابيس شعرها وجففته بخرقة بالية؛ سوف انزل عني ثيابي..

"أنزليها ما بالك تقولين لي"

"هل أنزلها أمامك؟"

"أراك ذات حياء، أنزعي عنكِ ثيابك وأعطيني إياها كي اعلقها قرب النار فتجف" حركت العجوز يدها بلا مبالاة  وسيدة القصر أدارات ظهرها لما إيقنت أنه لا فائدة من الجدال.أنزلت قفطانها ثم نزعت ثوبها الحريري، من بعده ثيابها الداخلية وسروالها الطويل من الحرير الأبيض. كل قطعة منهم كانت مبللة وبسرعة ارتدت الثوب الذي أعطتها إياه العجوز. قربته من أنفها تستنشق رائحته لتجد فيه رائحة تكديس سنين وفي نفسها سألت إن كانت تلك العجوز تعرف ما هو الصابون حتى.

"يا له من ثوب ثمين!"

تعجبت زوجة الحطاب وهي تمرر اناملها المسنة على القفطان الثمين، ثم امسكت بوشاح شعر السيدة المطرز باللؤلؤ لترفعه عاليا وتعاين قيمته فهي لم ترا مثله قط؛ إن التي تملك ثوبا كهذا لابد انها لم تستحم بالماء وتشرب منه كما نفعل نحن المساكين إنما تستحم بالحليب ولا تشرب سوى النبيذ.

لم تجبها سيدة القصر واكتفت بمراقبة العجوز وهي تضع وشاح رأسها الثمين على شعرها الابيض تغطيه وتقهقه كما لو انها شابة عذراء؛ إنه يشعرني بالثراء... اخبريني هل انت ابنة تاجر؟ لا بل انت ابنة نبيل اليس كذلك فالفتاة العادية لا تملك هذا القدر!

شهقت العجوز لما امسكت بعقد من اللؤلؤ طويل يكاد لا ينتهي وجربت خواتم سيدة القصر في اصابعها العشر وريثما هي تتأمل دبابيس الشعر الثمينة اغرقت عيناها بالدموع فكل ما كانت تحلم به في شبابها كانت سيدة القصر تملكه بل وأكثر. شعرت بضيق في صدرها من جمال تلك الحسناء وما تملكه من ثروة ونزعت ما بحوزتها تعيده لها؛ تفضلي يا ابنتي، انا سوف اجهز لكم فراشا لتناموا فيه عندما يحين الليل.

نهضت العجوز بروية بسبب مفاصلها التي تؤلمها وبظهر منحني انزلت الأغطية وسيدة القصر تحدق بمجوهراتها وثيابها التي اتسخت ثم قالت تحت أنفاسها بضيق؛ ما بال هؤلاء الفلاحين عديمي التهذيب؟ ألا تستحي من لمس أغراضٍ هي لن تستطيع تعويضي عنها بالمال إذا افسدتها.

"ما الذي تقوليه فأنا لا استطيع سماعك، ثم يا بنيتي تعالي ومدي يدا كي نجهز لكم فراشا تجلسون عليه"

"لما عساي افعل ذلك؟ نادي عليهما، علهما ينفعانك بشيء. منذ متى والأسياد يخدمون الرعية"

"رباه! اخبريني من هذا الرجل ذو الصبر الطويل الذي تمكن من جعلك حامل؟ لابد أنه اغلق فمكِ بيده تلك الليلة! أو عساه يكون اصما لا يسمع" تعجبت زوجة الحطاب من حال هذه السيدة وحملت ما استطاعت من الأغطية الى خارج الغرفة؛ أخبراني ألا يقوم زوجها بتأديبها؟ إن لسانها طويل يحتاج لقص.

لما رآها إيفان وإليا تركا الدفأ و سارعا بمساعدتها ليأتي من الغرفة صوت صياح سيدة القصر؛ من هذه التي يحتاج لسانها لقص؟! إن كنت لا انطق فهذا من حسن خُلقي!

شهقت العجوز لما ردت عليها سيدة القصر وحدقت بزوجها ثم بإيفان وإليا؛ من أي عائلة خائبة تأتي تلك المرأة؟ أي أجل قلنا حامل لكن هذا لا يحتمل!

"قلتي عائلة خائبة؟! ألا تع.." لم يدع لها إيفان مجالا للرد إذ سارع بإغلاق فمها بيده وأعادها إلى الغرفة تاركاً إليا يختلق لها الأعذار، ككونها امرأة ذات مشاكل زوجية كثيرة وأن لها ماضي بجعل الرجال يهربون منها كلما تقدموا لخطبتها، بسبب دمامة اخلاقها إلى أن عثروا على رجل قادر على تحملها لكنه هجرها هاربا إلى فراش امرأة أخرى.

"لم أكن أدري بما مرت به تلك المسكينة، تركها زوجها وهي حامل" جمعت العجوز يديها أسفل صدرها بحزن على سيدة القصر ثم أمسكت بمعصم إليا تقربه إليها كي يحكي لها المزيد من أسرار دارهم دون الخجل من فضولها.

"أنزل يدك من على فمي أيها الفلاح واغرب عن وجهي!" دفعت السيدة يد إيفان ثم ألقت به خارج الغرفة وأوصدت الباب على نفسها.

"سامحوا سيدتي فهي تمر بوقت عصيب" قال إيفان.

"لا عليك يا بني لها عذرها، كفوا عن مضايقتها وإلا سيخرج الطفل بوحمة كبيرة في رأسه" حذرتهم العجوز من مضايقة السيدة وعرضت عليهم من الحساء في القدر ليقول زوجها؛ لابد أنكما جياع، إن لزوجتي نفسا طيبا في الطبخ.

هكذا انقضى الوقت ومع اقتراب موعد النوم افترش إيفان وإليا على الأرض ورأسهما على نفس الوسادة؛ يا إليا إن حالنا يعيد لي من ذكريات طفولتنا الكثير.

دحرج إليا عينيه بتقزز وقال؛ سأحرص على نسيان أوقات الفقر هذه بالذهب الذي سيعطيه القيصر لنا.

لم يعجب إيفان بحديث إليا لكنه أيقن أن له عذره فلقد عاشا كثيرا من الجوع والوحشة في سجن القيصر "عمت مساءً واحرص على أن لا تجر الغطاء كله لك، لم أنسى عاداتك السيئة في النوم" اضطجع إيفان على ظهره. 

"أنا؟ بالتأكيد سأجر الغطاء منك وأفر هاربا فحضرتك دوما ما تتعدى على مساحتي من الفراش" قال إليا وأعطى إيفان ظهره كي ينام براحة. 

تبسم إيفان و وكز ابن خالته ليرد الآخرة برفسة من قدمه من بعدها توقف الاثنان واغمض إليا عينيه مرحبا بالنوم.

أغمض إيفان عينيه لكنه سمع صوت شكوى سيدة القصر  يصدر من الغرفة حيث تمكث، فلقد كان إيفان نائما قرب بابها من شدة ضيق حجم الكوخ.

قرب رأسه من الباب نية سماع صوتها الجميل بوضوح اكثر لكنه صدم بالباب يفتح وقدماها النظيفة أمام عينيه. استحى إيفان من رفع بصره والسيدة ابتعدت عن الباب لما رأت أن رأس إيفان يكاد يكون تحت ثوبها البالي؛ قولوا لي أن ما تفعلونه مجرد دُعابة! لما لم يأتي السرير بعد، لقد تعبت ومارست من الصبر ما يكفي!

رفع العجوزان رأسهما وقد كانا يستلقيان على سرير من حجر صلب فوقهما أرفف احتوت أواني المطبخ؛ ما بكِ يا بنيتي؟ لما الصوت العالي.

حدقت سيدة القصر بهم ولم يكن لأحد منهم سرير مريح، هزت رأسها رافضة الفكرة وقالت؛ هل حقا انتم لا تملكون سريرا؟! أخبروني ا يوجد شيء في هذا الكوخ الرث قابل للاستعمال!

احس العجوزان بالحرج وتدارك إيفان الموقف قائلا؛ اعذروا سيدتي فإن لها بدنا لم ينم على الأرض قبلا.

رفست سيدة القصر كتف إيفان المستلقي أرضا وصاحت؛ إن كنت تعرف هذا لما لم تصنع لي سرير! لقد كان عندك النهار بطوله!

طار عقل إيفان من سيدته التي فقدت صوابها وإليا كتم ضحكته الشامتة، عانق الوسادة وضم الغطاء مكملا نومه ثم قال تحت أنفاسه؛ لتشعري بما نشعر به يا ابنة السراي.

"يا بنيتي إن كنتِ تشتكين من الأرض فتعالي وشاركي زوجتي السرير، سأنزل أنا على الأرض" اقترح الحطاب نية التخفيف من جائحة الغضب التي تعاني منها.

"اني رافضة اشد الرفض ولن اشاطر الفراش، منذ متى تشاطر السيدة فراشها مع الفلاحين!"

"صهه، دعينا ننام يا امرأة!" صاح إليا كي يسكتها لكن غضبها تفاقم من لهجته الفاسدة معها وجرت غطائه ترفسه بقدمها؛ من التي تناديها بامرأة يا منعدم الأخلاق؟! الخطأ مني انا التي توقعت من رجل عاش حياته في زريبة أن يتكلم كما يتكلم الناس!

"زريبة؟!" نهض إليا ورفع يده نية تأديب سيدة القصر لكن إيفان اوقفه مبعدا إياه عنها "إياك والتجرأ عليها!"

"دعني أعيد تربيتها قبل أخذها للقيصر!"

"القيصر؟!" قال الزوجان بصوت واحد ليقع إيفان وإليا بمشكلة كبيرة لم تنفض إلا بشق الأنفس، وفي النهاية قام إيفان بتجهيز فراش السيدة بوضع الكثير من الاغطية حتى بات مرتفعا عن الأرض وشبه مريح؛ تفضلي يا سيدتي العزيزة.

"احسنت صنعا والآن اخرج فرأسي يؤلمني وموعد نومي قد فات" طردته سيدة القصر وإيفان كتم حزنه من قسوة لسانها معه ثم قال؛ لك كامل اعتذاري على ما وقعتي به من موقف بسببنا، عمتي مساءً سيدتي..

لم تبالي بحديثه انما اشتدت قبضتا سيدة القصر محدقة بسريرها ثم بالغرفة ذات السقف المنخفض، ارتمت عليه بتعب وجرت غطاءً ثقيلا من فرو الماعزو افكارها السوداوية لم تتوقف مع كل  بيت عنكبوت مهجور تلاقيه في الزوايا؛ من قصر بديع الى غرفة حقَ عليها الحرق، لو أرى ذلك القيصر فأرمي بوجهه هدية زواجه البائسة.

رفعت يدها تمعن النظر بهدية زواجها الثمينة ولما فركت اللؤلؤة الكبيرة تشكلت لها هيئة الفلاح ايفان وهو يغط في نوم عميق وثيابهم المبللة موضوعة امام لهيب الموقد علها تجف؛ انه خاتم سحري لكن ما باله يريني وجه ذلك الفلاح؟

تعجبت من امر الخاتم ثم تناست أمر غضبها مطيلة النظر اليه، تأملت تفاصيل وجه إيفان والتي مع مرور الوقت باتت مقتنعة ان له وجها حسنا لكن دغدغة مريبة راودت قدمها قاطعتها واثارت ريبتها. بقيت ساكنة عل هذه الدغدغة تذهب الا انه عاود الحراك مسرعا الى اعلى ساقها فكشفت الغطاء عن بدنها لترى حشرة بيضاء ذات سيقان عدة تسير على جلدها ومن شدة فزعها صاحت صيحة ايقظت القرية بأكملها ولم يحجبها عنهم سوى دوي الرعد الذي اتى بعد البرق 


عن الكاتب

إليناز كاتبة سابقة في تطبيق الواتباد و لي من الاعمال الكثير اشهرها الجميلة و الوحش في الشقة المجاورة, القرية خلف سكة الحديد و روميو و الوحوش في السرداب كذلك قصص سابقة مثل الغراب و الرداء الاحمر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

illynaz