illynaz illynaz
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

اترك تعليقا اذا اعجبتك القصة

  1. ولد اخته منقذ ميرا من أسوء كوابيسها😭😭😭

    ردحذف
  2. انتظر الفصل الجاي على احر من الجمر✨🤍

    ردحذف

لا تخبروا زوجتي؛ الفصل الثامن



 تجرعت بيلا اللعاب الذي تجمع في جوف حلقها، إذ أن اليوم زفافها والمصائب انهالت عليها من كل صوب كما لو أنها منحوسة، ففردة كعبها التي طلبتها خصيصا لم يتمكن صاحب المتجر من توفيرها، بحكم كونها طلبية قادمة من خارج المدينة، وما عنده من أحذية في متجره لم يناسبوا حذاء عروس. 


لذا اضطرت لانتعال كعبي والدتها اللذان في كل خطوة فارقا قدميها. 


والمصيبة الثانية حلت بالكعكة فبينما الصغار يلعبون ارتطموا بشقيقة بيلا وسقطت الكعكة فشطب اسمها واسم نيكولو من على وجه الكريمة. 


وهكذا اجبروا اضطروا للإكمال  بلا كعكة تحمل أسم الزوجين. 


أما المصيبة الثالثة كانت اتعسهم إذ أن القميص الأبيض الذي سيرتديه رومان احترق تحت حديد المكواة وعند بيبلا؛ السحاب في ثوبها علق فانتهى الأمر بعشرة اشخاص يقفون خلفها فقط لزلقه. 


"اشفطي بطنك!" 

"ان المشكلة ليست ببطني!" 

"قلت اشفطيها ولا تجادلي!" 


تمسكت بيلا بدعامة سريرها وشفطت بطنها فزلقت خالتها السحاب للأعلى أخيرا، كان صوت انزلاقه أشبه بترانيم الجنة وهمت بأن تشعر بالسعادة لكنها لما خطت خطوتها الأولى سمعت صوت تمزق القماش. 


والتمزق لم يكن بسبب السحاب إنما بسبب خالتها التي كانت واقفة على ذيل الثوب عن طريق الخطأ. 


"أ.. أنا حقا آسفة لم اقصد!" 


شعرت بيلا بالهواء يبرد مؤخرتها، لتدرك أنه شق عظيم فانهارت باكية واقسمت أنها لن تخوض في هذا الزفاف بعد الآن، فأي اشارات بعد تنتظر لتدرك أنه زواج لا خير منه.


حاولوا اقناعها بالنزول واكتظت الغرفة بنساء العائلة من طرف لا روس ودي كارلو، منهم من يقوم بتحريك الكتاب كي يلفحها الهواء فلا تعرق وتسوء رائحتها  ومنهم واقفون على رأسها يستحلفونها بأن تنزل..


وفي الأسفل؛ الاحاديث الجانبية كثرت عن سبب تأخر العروس، ولما احس آدم بهذا الجو المتوتر أشار لابنه أن يحضر المزيد من المرطبات، ثم امسك بياقة ابنة اخته من الخلف بينما تسير وهمس على مقربة من أذنها "ما بها بيلا لا تنزل؟ الضيوف قد حضروا منذ زمن والضيق بدا عليهم.


"خالتي لا تكف عن البكاء، تمزق ثوب زفافها وهي تطلب الطلاق الآن في الأعلى"


"لقد اصيبت خالتك بالخرف في رأسها، ماذا سأقول للجميع الآن إن فعلت فعلتها!" اشتكى آدم تحت اسنانه بغضب وهم أن يصعد للأعلى كي يصيح بها فتكف عن التصرف كالأطفال "ابقي هنا، ذاهب لأجلبها من شعرها رغما عنها" 


سمعت داريا اخت رومان الصغرى ما دار بين آدم وابن اخته، فاستعجلت الخطى لتجر رومان من ذراعه وهمست بأذنه، أن يفعل شيئا حيال زوجته وشقيقها البربري، قبل أن ينقلب هذا الزفاف لحرب أهلية جديدة.


صعد رومان السلالم مستعجلا وصادف آدم، فأخبره أن سيدا محترما ذو خبرة في الاستثمار، يبحث عن صاحب هذا النزل الخلاب للحديث معه، واستعجله أن يذهب إليه ففعل آدم وبقيت الساحة خالية لرومان كي يتصرف. 


لمحت احدى البنات الشابات قدوم خالها، وابلغت البقية أنه قد حضر كي يفسحوا له المجال ليمر، فالممر كان ضيقا بما فيه الكفاية.


"ما بها ميرا؟" سأل رومان ابنة كارولين واخبرته أن بيلا عازمة على الطلاق بسبب النحس الذي لازم زفافها منذ الصباح الباكر. 


"ميرا!" 


التفتت والدة بيلا واختها لرؤية العريس، قد أتى ضاربا كل التقاليد عرض الحائط واستحلفته خالة بيلا ألا يدخل فيصيبهم المزيد من النحس. إذ أن رؤية ثوب العروس قبل نزولها لشؤم لن يفارقهما ابدا.


"دعيه يدخل كي يرى ما خطب ابنتك علها تفكر بشكل سوي! الناس ينتظرون في الأسفل وهي تولول أنها ستفسد كلما فعلناه لأجل هذا اليوم" اشتكت صوفيا، اخت رومان الكبيرة من عقل تلك المرأة الغير ناضجة ونساء أسرتها الهمجيات.


"كيف لك أن تحادثيني بهذا الشكل! لقد تحملت لهجتك المتعالية منذ الصباح وإن استمر الأمر اكثر من هذا سأنفجر بك حالا! ألا ترين أن زفاف ابنتي يفشل! اخبرتك يا بيلا من البداية أنه لا خير يأتي من هذا الرجل وأهله!"


"ارفعي صوتك كي يفسد اكثر مما فسد، ثم إن كان هذا الزفاف زفاف ابنتك فهو أيضا زفاف اخي الصغير! وإن كنت أنتِ غير راضية فأنا المعارضة على هذا! كما لو أننا نستميت للزواج منكم!" 


"تأدبي وانت تحادثين اختي يا قليلة التربية! علمت الآن لما والدتك ماتت مبكرا!" 


"ما الذي تتفوهين به يا امرأة!" انضمت أدرينا للخلاف وتعالى صوتهن حتى وصل بهن الأمر لشد شعر بعضهم البعض وبيلا جالسة على سريرها لا تتوقف عن النحيب.


ولج رومان للغرفة رغما عن الجميع لما سمع صوت اخته صوفيا تصيح، فوجد السيدات الكبيرات قد افترسن بعضهن بعضا، وعلى الفور صاحت به والدة بيلا أن يضبط اخواته فهن همجيات منعدمات الأدب. 


وبالطبع اسمعته والدته في القانون شتيمة من العيار الثقيل، كي تعلن نفسها المنتصرة على هذه العائلة التي لا تتوقف عن استفزازها. 


"شكرا جزيلا على هذه الألفاظ التي لا تناسب امرأة بسنك" امسك رومان اعصابه بصعوبة، فوالدة بيلا لم تمتلك فرامل للسانها إذ تجاوزت عليهم اكثر واكثر فصاح على بيلا.


"انهضي حالا وارتدي أي قطعة ثياب وانزلي، فلا أريد البقاء مع امك اكثر من هذا!"


"لقد تمزق ثوبي! ألا تراه! الحذاء ضاع، الثوب تمزق والكعكة افسدت! ماذا تريد اكثر من هذا؟ أن يشتعل النزل بنا لتدرك اننا لا يجب ان نتزوج!"


"فليشتعل هذا النزل اللعين بمن فيه! انهضي حالا ولا تفسدي اليوم اكثر من هذا!" 


"لن أنزل! قلت لك أني لن أنزل فلتذهب وتتزوج نفسك إن كنت راغبا بالزواج هكذا!"


زم رومان شفتيه بغضب فهذه المرأة تصيح بوجهه ومن كلا جانبيه هناك الكثير من النساء يصرخن ببعضهن البعض. 


"داريا!" صاح باخته "اجلبي اي لعنة بيضاء لترتديها هذه المرأة قبل أن افتعل مصيبة!" 


"فلتفعل ما تفعل! قلت لك أني لن اتزوج بك! لم أعد أريدك! ألا يستوعب عقلك الصغير هذا!" صاحت به، لكن صياحها وصياح النساء في هذه الغرفة انقطع ولم يعد يسمع لهن حس بعد ان اجبروا على الوقوف أمام الأمر الواقع واقامة هذا الزفاف. 


حتى ولو لم يوجد كعكة، أو  قميص العريس محترق، او أن كعب العروسة يخرج من قدمها في كل حين، لعدم كونه مناسبا لها أو الثوب الخريفي أبيض اللون، الذي ارتدته مجبرة، عوضا عن ثوب زفافها العزيز. كان على هذا الزفاف أن يستمر.


غرست بيلا اظافرها في قميص رومان الأسود ودست وجهها في صدره بينما يرقصان الرقصة المنفردة أمام الحضور، بعد ان تبادلا العهود وألبسا بعضهما البعض الخواتم. 


وبيلا لم تدفن وجهها بصدره من شدة حبها، انما من شدة خزيها فالمسجل قد قرر أن يحترق ولم يعد يعمل.


"رومان، لنحفظ ماء وجهنا وننزع هذه الخواتم من اصابعنا، قبل أن يحترق بنا النزل هذه المرة" همست وأسفل عينيها منتفخ من كثرة النحيب. 


"ولو وقع السقف فوق رأسنا لن افعل" بادلها الهمس ثم قال ملطفا الجو "وإن حدث فلا بأس، المهم أن ننجو من شقيقك الذي سيذبح كِلينا إن افسدنا مشروعه التجاري هذا" 


"هذا ليس مضحكا" اشتكت من حس دعابته المريع ثم رفعت رأسها كي تبحث عن ماتيو بين الضيوف، ولما لم تجده تنهدت براحة، فكرامتها كانت ستمسح بالبلاط ان شاهد زفافها البشع هذا. فحقيقة أن زفاف زوجته اجمل من زواجها دفعتها لذرف المزيد من الدموع. 


"ميرا" همس رومان قرب أذنها وقرَب رأسه من رأسها، يسنده عليه فطولهما كان متقاربا واجسادهما متناسقة كما لو انهما قطعة واحدة لا فرق بينهما. 


"تبدين جميلة" 

"نعم أبدوا جميلة بثوب ابنة اختك" تمتمت بضيق. 


تنهد رومان بقلة حيلة من مزاجها العكر، والذي يعكر عليه مزاجه اكثر، ولولا الحوارات الذي يخوضها داخل رأسه كي يهدا، لكان ألغى هذا الزفاف السخيف وأخذها ذاهبا لمنزله.


فهو لم يكن يفهم أهمية الكعكة ولا الكعب ولا ثوبها الذي تمزق بالنسبة لها، فكل هذا بنظره مجرد طقوس نسائية، ابتدعوها ليمتلكوا قصة يتباهين بها لاحقا ويسطرنها كالاسطورة لمن سيأتي بعدهن.


ولم يتمكن رومان من تنفس الصعداء إلا بعد انتهاء هذه الطقوس النسائية وعودتهم جميعا لثيابهم العادية، إذ أن الضيوف جميعهم غادروا وبقوا هم مع حقائبهم موضوعة عند مدخل رواق النزل. 


نزل رومان السلالم وفي جعبته آخر حقيبتين من حقائب بيلا السبعة ووضعها إلى جانب البقية، نفض يديه والتفت خلفه فوجد زوجته تذرف المزيد من الدموع بينما تودع والدتها واقاربها. 


"أمي أنا حقا سأشتاق إليك، ما كنت أظن أن الأمر سينتهي هكذا ولو علمت لما تزوجت أبدا" اشتكت بيلا من حقيقة أن خطة رحيلها، لها هكذا جوانب سوداوية كالابتعاد عن والدتها وترك كل ما تحب وراء ظهرها. 


"لا تقولي هذا أبدا" مسحت على شعر ابنتها ثم انتقلت ببصرها لرومان واشارت له أن يقترب كي تودعه أيضا، رغم العيوب الذي يمتلكها والأسرة الكبيرة التي يعيلها إلا أنه كان مجرد رجل حسن الخلق في نهاية اليوم.


فاخذته في عناق دافئ وهو بادلها، كما لو أنهما لم يخوضا جدالا شرسا في النهار واوصته السنيورة أن لا يحرمها من رؤية ابنتها وان يجلبها للديار من حين لآخر.


"نيكولو، قد اعطيتك ابنتي وهي فتاة مدللة ذات قلب أناني، فلا تجبرها على مشاركتك مع شقيقاتك وابنك. من فضلك قدر موقفنا وصعوبة انها عذراء تزوجت من رجل مطلق" 


اوصته بما عجزت سابقا عن الافصاح به مستغلة انشغال بيلا بتوديع اولادها الذين لم يكونوا من صلبها، إذ اغدقت فيليب بالقبل والأمر نفسه لابنتي اختها. فهم جميعا قد شطفت مؤخراتهم من الغائط في يوم وركضت بهم للطبيب عندما غلبهم المرض. 


كم كان الوداع صعبا عليهم ومجددا، فكرت بيلا بالإقلاع عن خطتها لما رأت انها تمسي حقيقة، وأنها حقا ستغادر مسقط رأسها إلى أجل غير معلوم. 


اوصلهم افراد عائلة لا روس وبعض من الاصدقاء بسياراتهم الى محطة القطار، فدي كارلو كانت عائلة كبيرة بالفعل ولها حقائب كثيرة. 


انزلت بيلا نافذة السيارة واخرجت رأسها، كي تستنشق هواء بلدتها للمرة الأخيرة، راقبت طيف بيتها بات بعيدا كنقطة صغيرة في الأفق وصوت امها التي تلوح لها مودعة لم يعد مسموعا لأذنيها. وها هي بيلا ستغادر لأول مرة،  احب سجن إلى قلبها وستذهب لآخر موحش لا تعلم عنه شيئا، سوى أنه سيكون بعيدا عن ماتيو وخزيها. 


قطبت بيلا حاجبيها بشفقة على ذاتها، لما شعرت بيد رومان تمسح على ظهرها كي يهون عليها وجع الفراق. 


فهل يوجد اسوء من أن تربط من عنقها لبقية حياتها مع رجل هي لا تهواه.


تمنت ألا تتوقف عجلات السيارة، لكنها توقفت في النهاية أمام محطة القطار وما خاضته بيلا لاحقا كان عبارة عن الكثير من الاستعجال، فالقطار على وشك ان يتحرك وهي لازالت تحاول البقاء لاكثر وقت ممكن واقفة على أرض ديارها. 


"بيلا هيا اذهبي فلا يفوتك القطار" أشار لها آدم بيده كما لو أنه غير مبالي وهو يشاهد حقائبها تنقل بعيدا. 


"آدم من فضلك انتبه على أمي ولا تتعبها في العمل" 


"فكري بنفسك الآن ولا تفكري بها فهيا" 


انفطر فؤادها لشعورها بأنه يطردها، فاتخذت خطواتها نحو القطار إلا ان صوت الصافرة اعاد لها رشدها، إذ ان هذا سيكون لقائهما الأخير ولا مجال للخصام فعادت إليه وارتمت في حضنه بحثا عن عناقها الأول والأخير من أخيها..


وآدم لم يضيع الثواني، إذ فتح ذراعيه لها حالما رآها تعود راكضة، وضمها لصدره بقوة ولولا الخاتم الذي بات يزين اصبعها، لما اهتم لذلك الغريب وعاد بها للمنزل حيث تنتمي. 


"الليلة ساقتلع الجرس من فوق الباب، فلا أرفع رأسي دوما ظنا أنك من عدتي" 


ارادت بيلا التبسم لكنها عجزت عن ذلك، فمهما كانت جملته مضحكة إلا أنها آلمتها. تمنت المزيد من الوقت مع شقيقها، فللتو أدركت أن الكثير من العمر قد فاتهما رغم أنهما يتشاركان نفس السقف لما يزيد عن العشرين عاما. 


"آدم" لفظت أسمه بقهر لما شعرت بيد زوجها تسحبها بهدوء من حضن أخيها. 


"صدقني إن مقاطعة هذا ليؤلمني أكثر مما يؤلمك، لكن القطار سيتحرك" استأذنهما رومان.


"بالطبع، هيا اذهبا" أشاح آدم برأسه، يمسح عن وجنتيه ما فر من عينيه ولوح لهما. 


"ميرا هيا بنا" أخذها رومان معه فولجت أولا، ومن بعدها صعد هو مسرعا كونهما آخر من تبقى من ركاب هذه الرحلة، ومن ثم علت صافرة القطار وبدأت العجلات تمضي في سكتها نحو وجهتها. 


اقتربت بيلا من أول نافذة كي ترى آدم وباقي اقاربها للمرة الأخيرة، فوجدت آدم يركض ملوحا لها. 


غطت فمها بيدها ولوحت له بلهفة مودعة إياه، استمرت بالتلويح ولم تبالي بالمسافر الجالس الذي حمحم مرات كثيرة ان تبتعد من امامه فهي ملاصقة له وفي مساحته التي دفع مالا كي يرتاح فيها. 


"كل الى مقاعده!" ضرب الموظف الجرس وبيلا لم يكن بوسعها سوى المضي للأمام فلم يعد هناك أي اثر تبقى من أسرتها. 


"بئسا، قذ ذرفتُ الكثير ولا اظن ان عيناي قادرتان على صنع المزيد من الدموع... قل لي هل ابدوا مخيفة الوجه؟" جففت دموعها ومضت في الممر تسير وخلفها من بات يدعى زوجها. 


"اخشى قول هذا لكن حدسي يخبرني انها فقط اول دموعك" قدم لها منديلا من جيب معطفه فأخذته. 


"شكرا لجعلي انظر بتفاءل للمستقبل" سخرت من صراحته والتقطت المنديل تجفف دموعها وبالمرة نفضت ما في انفها "تفضل" 


اعادت المنديل له ورومان وجد الحل المثالي له، ألا وهو اعطاءه لموظف كان مارا من جانبه وابلغه ان يتخلص منه، ودون علمها هو استخرج عطرا من جيب معطفه وعطر يديه بنية تعقيمها. 


بحثت بيلا عن الحجرة التي سيمكثون فيها وحالما رأت كارولينا وكارلينا تجلسان مع أولادهما، تنهدت بتعب وولجت للداخل معهم. 


"هلا جلست الى جواركن؟" سألتهن بيلا بتوجس فهي لازالت لم تتعرف على اسرتها الجديدة وخشيت أن يقسين عليها بسبب ما حدث من شجار في الزفاف. 


استغربتا حضورها لكنهما خشية ازعاجها، اخبرنها أن تجلس أينما تشاء، فنزعت بيلا معطفها الأخضر وجلست الى جوار واحدة من بناتهن، متعبة من هذا اليوم الحافل.


مسحت كارولينا على رأس ابنتها، البالغة من العمر ثلاث سنوات إذ كانت توشك على النوم، لكنه فر من عينها حالما ولجت خالتها صوفيا  وهي تسألهم عن زوج أقراطها إن كان في حقيبة احداهن. 


"آه؟ ميرا؟ ما الذي تفعليه هنا؟"

"المعذرة؟" 


لم تفهم بيلا سبب تعجب صوفيا، ولاحظت أن كارولينا و كارلينا كتمتا ضحكتهما بصعوبة ووجدت رومان هو الآخر قد تبسم ووكز صوفيا من مرفقها، كي لا تخيف بيلا اكثر. 


"لما انتِ جالسة هنا؟!" 

"وأين من المفترض أن اجلس؟" احست بيلا بالإحراج لعدم فهمها شيئا. 


"يا ابنتي انت عليك أن تكون في حجرتك الآن! من التي تزوجت هذا النهار! ألم تكون انتِ؟! آخ من هؤلاء الصغار لا ادري ما بهم لا يفعلون الاشياء كما يتوجب عليهم فعلها" 


باعدت بيلا بين يديها، لا تدري ما عليها أن تفعل، فقال رومان "فهمنا صوفيا، اننا مطرودان من هنا لذا لا داعي ان تكرريها اكثر من مرة" أخذ بيد بيلا كي تنهض. 


"لكن لا اطردكما، انتما متزوجان ولكما حجرة خاصة فلما تضيعان وقتكما هنا، أنا اقول هذا لأجلكما" قالت بتوتر عصبي والتوتر العصبي هذا صفة ملازمة لصوفيا منذ أن كانت فتاة يافعة، فهي دوما آخر من يستوعب النكتة التي تقال وأول من تفور غضبا إذا وضع شيء في غير مكانه. 


استمرت كارولينا وكارلينا بالقهقهة ورومان بالكاد أخفى صف أسنانه. هنا أخيرا فهمت بيلا ما يرمون إليه من معنى، فحملقت برومان ثم بأخواته وقالت بقلق "هل حقا علينا الذهاب؟ أنا أود البقاء هنا اكثر لكونه مريحا وجميلا للنظر" ضمت ذراعيها لصدرها.


"لا، لقد حجزنا غرفة خاصة لأجلك وهي جميلة المنظر فاذهبا حالا!"


"تعالي ميرا، فهي لن تتوقف حتى نذهب" 

"لما لا نبقى بعد قليلا، لازال الليل طويلا" 


"وهذا هو المطلوب! أن تكون الليلة طويلة!" قهقهت كارولينا وعادت برأسها للخلف. 


"لا، لا داعي أن يكون طويلا أليس كذلك" مسحت بيلا كلا يديها بتنورة ثوبها فمن شدة توترها تعرقت. 


"انت لا تريدين أن تسمعي رأي حيال هذا" اخذ رومان بيد بيلا وسار بها يدلها لحجرتهما التي في نهاية المقطورة، فلحق بهما ابن كارلينا يبكي مطالبا خاله ان ينام الى جواره كليلة امس.


"في المرة المقبلة فخالك نيكولو الليلة سينيم خالتك الجديدة" فر رومان هاربا من تحمل مسؤليته هذه الليلة وقال لبيلا "تفضلي" 


ولجت بيلا قبله ورأت مجموعة من حقائبها موضوعة في الأعلى فوق رف ومجموعة زلقها رومان تحت السرير "متى تمكنت من جلبهم الى هنا؟" 


"عندما كنت مشغولة مع شقيقك" أغلق رومان الباب خلفهما ونزع معطفه الرمادي ليقوم بتعليقه ثم أخذ معطفها وعلقه الى جوار خاصته. اعتصرت بيلا على اصابعها وحالما التفت لها همت بالحديث تستحلفه ألا يضغط عليها فسبقها قائلا "هل تذكرتك عندك؟ قاطع التذاكر سيمر الآن، فصوته قادم" 


"آه.. نعم إنها في الحقيبة" التقطت حقيبتها واستخرجت منها التذكرة ليخرج رومان ويستقبل هو قاطع التذاكر. 


لهثت بيلا انفاسها ووضعت يدها على جبينها من هول المصيبة التي وقعت بها، فهي لم تكن مستعدة لهذا الجزء بل ومن شدة انشغالها برسم المخططات هي نسيت هذا. 


حاولت تذكر جميع النصائح التثقيفية التي حصلت عليها في حياتها، لكن كل ما خطر لبالها، هي احاديث صديقتها المحبطة مثل 'ذلك الحقير يظنني قادرة على رفع ساقي ولا يدري أني متعبة' او كالمرة التي اخبرتها فيها انها لا تكلف نفسها أي عناء كارتداء ثياب أو أي شيء. فزوجها دب اخرق ينهي عمله بنفسه ثم ينام. 


قضمت اظفرها وخطر لبالها نصيحة والدتها الذهبية لأختها آنذاك ألا وهي أن تطفئ الضوء وتغمض عينها ثم كل شيء سيتحقق من تلقاء نفسه. 


لكن كل هذه النصائح والمخططات لم ترى نور الشمس، إذ أن كارلينا التي كانت تضحك سابقا قد اصابها الذعر والهلع لما قامت بعد ابنائها الخمسة، فوجدت أن أوسطهم قد اختفى لا أثر له ولما سألت عنه لم يتذكر أحدهم صعوده معهم الى السيارة.


لتدرك أخيرا أنها نسيت ابنها هناك في النزل ولم يكن بيدها سوى الولولة والضرب على باب غرفة أخيها تستحلفه أن يذهب ويجلب لها ابنها.


أطلت بيلا برأسها عبر الباب تشاهد أفراد العائلة قلقين ورومان قد غادر المقطورة بحثا عن المسؤول كي يناقشه فلربما يوقف القطار ويعود ليجلبه معه.


"اخبرته، اخبرته أن لهذا النحس معنى لكنه لم يصدقني" تمتمت بيلا وضربت جبينها.








عن الكاتب

إليناز كاتبة سابقة في تطبيق الواتباد و لي من الاعمال الكثير اشهرها الجميلة و الوحش في الشقة المجاورة, القرية خلف سكة الحديد و روميو و الوحوش في السرداب كذلك قصص سابقة مثل الغراب و الرداء الاحمر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

illynaz